لاشك بان الحراك العربي الممثل بالربيع العربي أو الخريف العربي ،لكل شخص وحسب وجهه نظره تسميته ،الا ان من الواضح ان هذا الحراك الذي فتر لفترة زمنية ،قد عاد في دول عربية لم تهب عليها رياح ذلك الحراك قبل ٨ ثماني اعوام وهي الجزائر والسودان ،ولكن لو سألت المتابع للشأن العربي السياسي هل يمكن ان يصل هذا الحراك بشكل منظم وقوي وصامد للبنان لكان الغالبية العظمى سوف تجيب بصعوبة هذا الامر .
الشعب اللبناني بكافة مكوناته خرج للشارع للمطالبة ،بحياة افضل جراء حالة تردي البنية التحيتة والديون الخارجية و الضعف السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغياب منظومة الدولة وسيادة القانون .
لبنان التي تتمتع بنظام جمهوري ديمقراطي توافقي (طائفي) ،توزع به مناصب السياسية حسب ما هو متفق عليه بعد الخلافة العثمانية بموجب ميثاق عام 1943 حسب تعداد السكان وديانتهم ،الذي تم بموجبه منح قيادات تقليدية اقليمية طائفية السلطة حسب هذا الميثاق الغير مكتوب اصلا والذي بموجبه رسم شكل النظام السياسي اللبناني .
الجميع يعلم ان الجمهورية اللبنانية مرت بظروف قاسية خلال العقود الماضية خاصة بعد انتهاء الانتداب الفرنسي عام 1958 ،من الحرب الاهلية التي امتدت لمدة قاربت 25 خمس وعشرون عام ،الى ان جاء اتفاق الطائف بموجب الميثاق الوطني اللبناني عام ١٩٨٩ الذي انهى الحرب الاهلية و رتب شكل النظام السياسي في لبنان ،والذي للاسف عمق الطائفية بعد الاتفاق على تحديد ديانة وطائفة رئيس الدولة ورؤساء السلطة التنفيذية والتشريعة ،حيث وزعت على ان يكون رئيس الجمهورية مسيحي ماروني و رئيس السلطة التنفيذية مسلم سني و رئيس مجلس النواب مسلم شيعي .
لاشك بعد هذا الميثاق واتفاق الطائف لم تستقر الاوضاع في لبنان وبقي طاغي على السطح الانقسامات السياسية التي ابطت تقدم الدولة سياسياً واقتصادياً ،الى ان جاءت حرب تموز عام 2006 الى الاعتصامات والعمليات العسكرية الى ان وصلنا الى اتفاق الدوحة 2008 ومن ثم الاحداث في سوريا الجارة الى يومنا هذا .
يتضح ان الشعب اللبناني والقوى السياسية غير متفقة تماما ،وهذا اثر بشكل كبير على التنمية والحياة المعيشية للمواطن ، ولو سئل اي متابع للشان العربي ،هل تعتقد ان الشعب اللبناني بكافة مكوناته ممكن ان يخرج للشارع بشكل موحد لمواجه الفساد و التخبط السياسي لكانت اجابة الاغلبية لا يمكن حدوث هذا كون ان الصفة الغالبة على الدولة اللبنانية والشعب والقوى السياسية هي الانقسامات بسبب الطائفية والاقليمية ،ولكن ما شهدته لبنان خلال الايام الماضية يدل على ان الشعوب وايا كانت هذا الشعوب فانها تصل الى مرحلة من الضجر عند التغول على حرياتها وكرامتها ولقمة عيشها، وهذا ما حدث بالفعل هبة شعبية كبيرة من كافة ابناء الشعب اللبناني ضد جميع القوى السياسية ، للمطالبة بالديمقراطية المباشرة وغير المجزئة ومحاربة الفساد وتحسين الوضع المعيشي والبنية التحتية .
اعتقد ان حراك الشعوب لن يتوقف وان الشعب العربي الفتي الذي سوف يشكل غالبيته اكثر من 67% من الشباب بعد عشر سنوات لن يرتضي المحاصصة و الفساد وعدم المشاركة السياسية وغياب التنمية الحقيقة والمشاريع الاقتصادية ،وهذا ناتج عن حالة الوعي لدى الجيل الحالي والاجيال القادمة ،والوصول للمعلومات والانفتاح على المجتمعات الاخرى ،والتطور التكنولوجي ،لهذا يجب اعادة رسم سياسيات دولنا العربية من خلال الشفافية الصحيحة والابتعاد عن المصالح الضيقة الشخصية والانتقال الى الديمقراطية الحقيقة كون ان الشعوب لن ترتضي ما كانت تقوم به الانظمة وحكامها في العقود الماضية .
تحية لشعب لبنان ،الذي اثبت بان بالاتحاد قوة ومصلحة الشعوب هي المصلحة العليا.