بدأ مفهوم الدولة المدنية بالظهور عندما حاول فلاسفة التنوير إنشاء أفكار حول نشأة دولة حديثة تقوم على المساواة والحقوق الإنسانية وتنطلق من قيم أخلاقية فى الحكم ثم تم تشكيل مفهوم الدولة المدنية فى عدة مصادر فى علم الإجتماع وعندما حاول الفلاسفة تكوين فكرة الدولة المدنية قاموا بتصوير حالة الطبيعة بأنها يحكمها الفوضى والأقوى يطغى دائما. فتسيطر عليها بشكل عام مشاعر الغضب وتفقد الروح المدنية التى يجب أن تتسم بالتسامح والتعاون للعيش المشترك ومن أجل تحقيق هذا لابد من إنشاء دولة مدنية تمنع الاعتداءات ويسود فيها الأمن من خلال جهات أمنة سياسية وقانونية لا تتأثر بالمذاهب الفردية والدينية وتمثل الدولة إرادة الشعب
نلاحظ أن المفهوم يعبر عن ظاهرة حامة ألا وهى: الشكل الذى لابد أن تتواجد عليه الدولة وسمات النظام الذى تسعى لتحقيقه حيث يوضح هذا المفهوم أن أى دولة لابد أن تكون فى الدرجة الأولى دولة مدنية أى دولة تقوم على الحرية وتحقيق العدالة والمساواة والمواطنة والديمقراطية وفصل الدين عن السياسة(العلمانية) وإحترام القوانين والحريات ووضع الحكم فى يد أبناء الشعب (المدنيين) بعد توافر هذه الشروط والسمات بعد ذلك تضع الدولة جدول أولوياتها كى تسعى بعد ذلك لتحقيق أهدافها
مما لاشك فيه أن المفهوم مثله مثل اى شئ فى هذه الحياة فكل شئ له أصل وجذور ومراحل تكوين وعوامل مساعدة ساعدت هذا المفهوم حتى يصبح على الصورة التى نراه عليها الآن فالمفهوم كالشجرة لها جذور وساق وفروع وأوراق حيث هناك مفاهيم تعتبر أساس والأصل الذى انبثق منها هذا المفهوم(الدولة المدنية) وتسمى هذه المفاهيم مفاهيم منظومة الجذر هذه المفاهيم مثل (الديمقراطية-الحرية-العدل-المساواة-السلام الإجتماعى) مفاهيم ساعدت على نشأة هذا المفهوم وتسمى مفاهيم الساق هذه المفاهيم مثل(الثقافة المدنية-العلمانية-احترام القوانين)
مفاهيم أخرى وتمثل عائلة المفهوم وهى التى تتكون منها باقى أجزاء الشجرة هذه المفاهيم مثل(الدولة المدنية-المجتمع المدنى-الثقافة المدنية).
بعد الانتهاء من تكوين المفاهيم ووصوله الى الصورة الكاملة التى نراه عليها الآن
حيث عند تدقيق النظر فى مفهوم (الدولة المدنية) سنلاحظ شيئا واضحا أن دولة وهى الركن الثابت الذى لا يتغير فلابد لكى يوجد أى شئ لابد من وجود بيئة له هكذا صفة المدنية لكى توجد فلابد من وجود دولة التى تمثل البيئة والمحيط الذى تتكون فيه المدنية وتلقى عليه صبغتها لتلونه كيفما تشاء لوضع أركانها فالدولة هنا هى الجزء الثابت الذى لابد من وجوده وثباته .
أما المدنية فهى الركن المتغير لأن الدولة قد تكون عسكرية ثم تتحول إلى مدنية وقد تكون مدنية ثم تتحول إلى عسكرية وهكذا فالصفة التى تتميز بها الدولة هنا هى الجزء المتغير فى المفهوم المدنية