يبدو إننا تعاملنا مع مشكلة فيروس كورونا في البداية بارتخاء وعدم جدية، ولم نكن نُقدر عواقب هذه الآفة القاتلة والمدمرة، ومع تصاعد الازمة وتداعيتها مع انتشار عدد من الاصابات بالفيروس، تغير الوضع وتغير أسلوب التعامل مع الازمة وبدأت الدولة تشد أحزمتها بعد اجتماع الملك مع اركان الدولة في إدارة الازمات وإعطائهم التوجيهات، أصبحت قضية مواجهة الفيروس قضية الجميع إما نحيا أو نموت. المثل يقول "نفس الرجال يحيي الرجال" وانطلاقا من الاحساس بالمسؤولية والواجب الذي يجب أن تتخذه الدولة في مثل هذه الحالات وحتى تكون الصورة واضحة وشفافة ولا "تقبل الجدل والقيل والقال" وجه الملك الحكومة لإعلان حالة الطوارئ وفقاً لقانون الدفاع رقم 13 لعام 1992 والذي يجيز للحكومة إعلان حالة الطوارئ عند تعرض البلاد للخطر. ويا له من خطر غير مرئي وغير محسوس ويتسلل للجسد دون ان يُحس به الانسان فمواجهته حرب غير كل الحروب فهي قاسية وشاقة وتختلف آثارها وتداعياتها عن كل المواجهات، وستكون كلفة مواجهته عالية وأكبر مما نتصور، لان هذا المرض يشل قدرة الدولة في كل القطاعات الانتاجية والصحية والاجتماعية فها هو اجلسنا في بيوتنا دون نجرؤ الخروج الى خارج المنزل خوفا من الوباء. نتائجه خطيره ومميته وجعلت من دول عظمى الاستسلام والاعلان انها لا تستطيع المواجهة في حالة التفشي وستعتمد سياسة القطيع، من يستطيع جسمه مقاومة المرض هو من يبقى على قيد الحياة. ولان دولتنا كرست كل امكانياتها لتجعل من المواطن هو الاساس دون حسابات الربح أو الخسارة وحتى تمنع العدوى ناشدت المواطنين الالتزام بالتعليمات، فكان فهم البعض مغلوطا وفقا لثقافة الغوغاء التي تعشعش في عقول البعض. ومع تزايد الخطر ولأن رأس الدولة يريد السلامة والصحة للجميع، كان على الحكومة وفقا لقانون الدفاع أن تُصدر بيانها رقم "2" وتفرض حظراً على التجول لتُلزم الناس في بيوتهم واستبقت هذا بحملة توعوية كبيرة استخدمت فيها كل الوسائل لايصال الرسالة للناس الذين رفض بعضهم بعناد الالتزام بتعليمات منع التجمع فأقاموا حتى الصلوات في العراء تحديا لاجراءات السلامة. ومع صباح يوم 21/آذار يوم الكرامة يوم النصر الوطني انطلقت صافرات الانذار لبقاء الناس في بيوتهم في ربط ذكي بين القرار ويوم النصر ويوم الام يوم الفداء لنأخذ من هذا المعانى عنوانا للمعركة ضد الفيروس لنتمكن بإذن الله من التغلب علية وحصره في الحدود الدنيا. المعركة شاقة وطويلة وتحتاج الى صبر وتحمل والتزام وصرامة في التعامل مع المخالفين، ولا بد ان تتخذ الدولة كل الاجراءات التي تكفل نجاح هذه المعركة وعلى هامش المواجهة مع الفيروس فإني أُهيب بالحكومة وفي ظلال قانون الدفاع أن تلغي الحكومة أي امتياز يعطي أي تاجر الصلاحية باستيراد اللقاحات التي تساعد في مواجهة الفيروس، وأن تقوم على الفور بانشاء شركة يملكها الجيش للقيام بهذه المهمة ونحن المواطنون على استعداد للمساهمة برأسمالها حتى لا يكون لتجار الازمات فرصة لملء كروشهم وهم الذين لم يتبرعوا للوطن بدينار واحد وهو يمر بهذه الازمة الصعبة والقاسية. حمى الله الوطن وحفظ قائده وشعبه من كل مكروه وجنب البشرية جمعاء شر هذا الوباء.
استاذ العلوم السياسية جامعة البترا