يمرُ العالم هذه الايام في تجربة حقيقية مع الخوف والهلع والترقب والتفكير والتحليل لما يحدث بعدما اصبح في مواجهة جماعية ضد عدو خفي ألا وهو وباء الكورونا الذي غزا العالم بطريقة تكاد تكون غريبة التصوّر علينا في العهد الذي نعيش ،وبعيداً عن التحليلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما فيها الصحية عن سبب انتشاره وعن مخاطره التي لا تخفى على احد وهي ليست هدف مقالي هذا فإني ومن هذا المقام أُحاول ان اجد تفسيراً واحداً لتصرفات أولئك الذين يستهترون بأهمية الوقاية منه حمايةً لانفسنا ولآبائنا وأبنائنا وأقاربنا وأصدقائنا وبالتالي لوطننا الذي نحب ، هذا الوطن الذي حبانا الله به لنكّونَ به ثلاثية رائعة بروعة المجد، فملكنا من سلالة جدنا الاعظم محمد صلى الله عليه وسلم حبانا الله بقيادته الحكيمة التي تملك في داخلها معنى الانسانية ومعنى قيمة الانسان في هذا الوطن الغالي ، ووطن حبانا الله به ليكن قبلة على جبين الارض وسنداً لمن لاسند له ، كيف لا وهو البطن الثاني الذي حملنا بعد بطن الام، والحب الخالي من الشوائب المزروع في قلوبنا ما عشنا ، ومدرسةً جميلةً علمتنا معنى التنفس ، وشعبٌ أكاد اجزم أنه بكل اطيافه الشعب الذي تتغنى به اقلام وألسِنة كلُّ من خالطه ، شعبٌ ضرب الامثال في الشهامة والكرم والتكاتف والتعاضد وتراص الصفوف وقت المحن والشدائد فما مرّ علينا من عاتيات ومن محن اثبت هذا الشعب قدرته وعزمة وقوته على اجتيازها بكل ثبات وعزم ، حقاً ثلاثية رائعة تحاكي بزهوٍ وفخرٍ لُحمة البحر والصحراء والسهول والجبال والغور الاشم ، فدعونا ايها الاخوة والاخوات نحافظ على هذه اللُحمة بعينٍ ثاقبة تَتَمَتَّعُ بِقُوَّةِ الإبصَارِ للأرواح التي حصدها هذا الوباء في مدن العالم من حولنا ، وبقلبٍ مدركٌ لاهمية الاجراءات الحكومية الوقائية من اجل حمايتنا من شرِهذا الوباء الفتاك ، وبروح واعية تدرك أهمية الوقاية ودرء الخطر عن انفسنا وعن انفس الاخرين (فدرهم وقاية خير من قنطار علاج ) وبأهمية نكران الذات ومراعاة ارواح الاخرين خاصةً في مثل هذه الظروف التي يعيشها العالم جراء الوباء الذي سرعان ما ينتشر من شخص الى شخص من خلال الاختلاط ، اننا في الاردن نفخرٍ ونعتز بنشامى قواتنا المسلحة الباسلة ونشامى اجهزتنا الامنية الشجاعة وهم يقضون الساعات الطوال من اجلنا جميعاً ،ومن اجل الوطن الذي نحب ، فلنطبع على جبين كل واحد منهم قبلة حب ، وعلى رأس كل واحد منهم قبلة شكر لانهم يواجهون هذا الوباء بصدورهم كي لا يصل الوباء الى عقر بيوتنا ، فلنكن معهم لا عليهم ، ولنكن زنوداً تقوّي سواعدهم لا خناجراً مسمومةً في صدورهم، فنحن نكن خناجراً حينما نستهتر بقدسية واجبهم وباهمية ارواحنا بالنسبة اليهم ، انهم يواصلون الليل بالنهار من اجلنا ، من اجل شيوخنا وشاباتنا وشبابنا واطفالنا ، فالأحق ان نبادلهم التحيات من شرفات بيوتنا ، وان لا نكن سبباً في زيادة متاعبهم وفي عرقلة سير اعمالهم ، فاذا كان هدفهم الاساس حماية الوطن من شرٍ كل مغرض وهادف ، فهم اليوم حُماةِ انفسنا وارواحنا من وباء كتب الله ان يحصد ارواح الالاف من البشر على وجه الارض ويهدد حياة الارواح في مشارق الارض ومغاربها، فلسنا الوحيدين الذين نواجه هذا الوباء وليست حكومتنا الوحيدة التي تواجهههُ ، فملايين الناس في المعمورة تطلب حكوماتهم منهم التزام البيوت لكي لايحصد الوباء ارواحهم ، اننا امام رهان مع انفسنا فإما ان ندرك ونعي أهمية الاجراءات الحكومية المتعلقة بالوقاية من هذا الوباء فنحمي انفسنا وشعبنا ووطننا منه او عكس ذلك لاسمح الله .