التعليم عن بعد من خلال التعليم الإلكتروني وأدواته تجربه ناشئة وحديثة خاضها قطاع التعليم العالي الأردني مجبراً بسبب تبعات الجائحة، في البداية كان الجميع متردد وهذا شأن أي تغيير وتجربة جديدة، لكن جامعاتنا قبلت التحدي ولملمت أدواتها وجهودها وباشرت التعليم عن بعد، ولا أنكر ان التجربة في طور النمو والنضوج لكنها بالمجمل حققت الهدف وبنسب متفاوته، بسبب محددات المادة العلمية المجهزة الكترونيا، والبنية التحتية لشبكة الإنترنت والخوادم وسعاتها، وأيضا تفاوت الخبرة لدي المدرس والطالب، وحتى أكون منصفا بعد مشاهدتي للقاء بخصوص التنجيح التلقائي على تلفزيون المملكة مساء السبت، وطرح أستاذ جامعي وتبنيه للتنجيح التلقائي، وهذه وجهة نظره، مع أني كنت أتوقع أن يعرض ويقيم وضع جامعته في التعليم الإلكتروني قبل أن يذهب بهذا الإتجاه وهل تم عمل دراسة للطلبة في جامعته يعتمد عليها؟ ولكن يبقى هذا رأيه ونحترمه، وهنا أستطيع التحدث عن تجربة جامعتي جامعة البلقاء التطبيقية في التعليم عن بعد، إذ لم يكن الأمر جديدا في جامعتنا وقد تم التأسيس لبنية تحتية من خوادم، والواح ذكية وشبكة إنترنت بسعات عالية، واستئجار خوادم وكذلك الإستفادة من الحوسبة السحابية، إضافة إلى تأهيل أعضاء الهيئة التدريسية من خلال دورات وبخبرات اجنبية ومحلية منذ سنوات، ولمن لا يعلم فجامعة البلقاء تنفذ الإمتحان العام لكليات المجتمع بشكل مركزي والكتروني منذ عدة سنوات لما يزيد عن ستة الآف طالب في كل دوره ينتشرون في جميع كليات المملكة من شمالها لجنوبها، وكذلك الإمتحانات المجمعة للمواد المشتركة لجميع طلبتها وفي كل كلياتها، وامتحان الكفاءة وغيره… .ولمن لا يعلم فجميع مختبرات الحاسوب التي تجري فيها الإمتحانات مزودة بكميرات مراقبة وغرف تحكم من الكلية ومركز الجامعة، إضافة لتزويدها بمولدات كهربائية إحتياطية تعمل بشكل اوتوماتيكي في حال إنقطاع التيار الكهربائي ، وأيضا غالبية المدرسين يجرون إمتحاناتهم من خلال التعليم الإلكتروني في كلياتهم، وهذا كله خلق خبرة تراكمية اكاديمية وفنية تدعمها قاعدة كبيرة من التسهيلات الفنية، وفي مجال التعليم عن بعد في هذا الفصل، بذلت إدارة الجامعة جهود جبارة لمتابعة وإنجاح العملية، وبذل أعضاء الهيئة التدريسية جهود جبارة ونفذوا التعليم عن بعد بكل إقتدار وجهد ممكن ، مستخدمين البرمجيات الموجودة أصلا في الجامعة، وغيرها من البرمجيات، وكذلك إستفادوا من إستمرارية إستخدام التعليم الإلكتروني ومتابعة الطلبة والتفاعل معهم والموجود منذ سنوات، ويستخدمه الطلبة أيضا، لا يخلوا الأمر من تفاوت في القدرات والإمكانات من مدرس لآخر أو من طلبة متابعين وآخرين أقل متابعة، لكنها تجربة غنية في طور النضوج، نفتخر فيها في جامعة البلقاء، فخلال هذه الفترة كانت هنالك خلية أزمة على رأسها رئيس الجامعة، متابعة لكل صغيرة وكبيرة من الطلبة والمدرسين، وكل مدرس يقدم تقرير يومي إضافة لمتابعة الكترونية لجميع المواد، ونسب الدخول والإستخدام.
من هنا لا يجوز بأي حال النكوص وإجهاض هذه التجربة، سيما وأنها تؤسس لمرحلة قادمة يتبناها مجلس التعليم العالي لجعل التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني جزء من بنية نظام التعليم العالي، صحيح أننا في البداية وهذه تجربتنا الأولى، لذا يجب أن نستمر، وأن تتم الإمتحانات الكترونيا عن بعد، وأن تؤخذ جميع المعطيات التي تخدم مصلحة الطالب والعملية الاكاديمية بعين الإعتبار، وهذا ما أقره مجلس التعليم العالي وتبنته جامعتنا وجامعاتنا الوطنية، في تعليمات الامتحانات والتقيبم عن بعد إذ أن التقييم سيكون بوقت محدد، وبشكل مبرمج لجميع الكليات، وسيتاح لكل طالب فترة من الوقت للدخول وإجراء الإمتحان، وستكون اسئلة الإمتحانات من المدرسين أنفسهم، مع التركيز على مادة ما قبل الحضر، وفي حال لم يتمكن الطالب من أداء الإمتحان سيعتبر غير مكتمل ويؤدي الإمتحان لاحقا، ومن ثم بعد ترصيد العلامات، الطالب له الإختيار بين ناجح راسب وتثبيت علامته، وهذا يعطي فرصة متساوية للجميع ويحافظ علي الحدود المقبولة لجودة التقييم والإمتحان، والمدرس هو أكثر من يفهم طالبه، ويفرح بنجاحه وتقدمه، وهنا فهذا الخيار الأمثل للحفاظ على سمعة نظامنا التعليمي، والتأسيس لمرحلة قادمة، اذا لم يعد التعليم عن بعد قضية مرحلية عابرة لحل مشكله، بل اصبح متطلبا استراتيجيا في كل النظم التعليمية، لنعتبر التقييم عن بعد تجربة مثلما كان التعليم عن بعد تجربة، فلا يجوز اجهاضها بمقترحات لا تُفَسَر إلا ضد صاحبها، فالإستاذ الجامعي الذي يطالب بالتنجيح التلقائي ويتبناه، قد يكون لم يدرس..! ولم يتابع طلبته ويختار الخيار الأسهل، أو أنه يطعن بأداء جامعته وعدم متابعتها للتعليم عن بعد، وهنا أعتقد أن غالبية جامعاتنا خاضت التجربه وبعضها ابلى بلاءً حسنا، وبعضها بذل كل ما عنده، وبنسب متفاوته، لكن الجميع فخورون بما حققوا حتى لو كان أقل من المأمول، لأن التجربة علمَت الجميع وأسستهم للتطور ونقل التجربه لمرحلة ما بعد الكورونا… .حمى الله الأردن.