حالف الحظ مديرية الامن العام عندما تزامن ظهور ازمة فايروس كورونا مع اكتمال إجراءات دمج المؤسسات الامنية الثلاث ،والمباشرة بوضع التجربة موضع التنفيذ ، فكانت عملية النضوج وقطف الثمار سريعة ،وخرجت يد الامن العام نظيفة من غير سوء، ولم تسجل اساءات او تجاوزات تذكر وهي تنفذ بحزم اوامر الدفاع المتتالية في ظرف تسوده المصاعب والتحديات، نتيجة دقة المهام والواجبات المستجدة وخطورتها، إضافة الى حجم العمل الضاغط ، والحاح المواطن في الحصول على الخدمة الأمنية الطارئة قبل ان يرتد اليه طرفة .
تشير كل الأدلة الى نجاح المؤسسة الامنية في تنفيذ الرؤية الملكية، وترجمتها على ارض الواقع في ازمة كورونا التي زادت من اثراء التجربة، ومن يتابع الأداء الأمني يعرف ذلك ، حيث وضعت المديرية ادق برامج دمج يمكن تصورها ، وكانت البشائر جيدة، ما اغرى على ما يبدو الحكومة بسرعة تنفيذ عملية دمج مماثلة واسعة النطاق ، ستجري قريبا ، وستطال الكثير من دوائر ومؤسسات الدولة، والبدء بهندسة وتصميم برامج ادماج في سياق التوجيهات الملكية للإصلاح المؤسسي الشامل.
يبدو ان اتجاه الامن العام لترسيخ الطمأنينة اتخذ مسارا واضحا بعد عملية الدمج ، وفلترة الواجبات الميدانية وتنقيتها من الشوائب الوظيفية والواجبات بعد اتحاد الأجهزة الأمنية ،رغم ان الفيروس استنزف اغلب إمكانياته المادية والبشرية ،وتركيز جهوده وتشعب واجباته المرهقة التي تصل الليل بالنهار خلال مكافحة الجائحة التي طال عليها الأمد ، بيد ان النقطة الاكثر وضوحا هي ان حالة الامن أصبحت مستقرة افضل من اي وقت مضى ،وكانت حركة الدمج انقلابية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وحافظت على الأردن كواحة امن واستقرار وملاذا آمنا للباحثين عن الأمان في الإقليم العربي المشتعل.
ولعل اهم ما لمسته وانا اتابع حركة التصحيح الأمني، هو تلك النية الفعلية لمراجعة الخطط الأمنية، والبرامج التي تحتاج لكثير من الرتوش والإصلاح لإعادة ترتيب الأوليات وفق التوجهات الجديدة ،ومن اين تبدا لتغيير مجرى العمل باتجاه مبدأي منع وقوع الجريمة ثم ملاحقة مرتكبيها والقبض عليهم وتقديمهم للقضاء الذين يمثلان صلب العمل الشرطي الأصيل وأركانه الأساسية. والارتقاء بعمل جهاز الدفاع المدني، وننتظر مع هذا خفض معدلات الجريمة خفضا فعليا ملموسا يحس به المواطن على ارض الواقع، ويشعر معه باختفاء الظواهر الجرمية، وهو الامر الذي يقرر في العادة نجاح او فشل خطط مكافحة الجريمة. ونأمل ان تحقق المديرية نجاحات غير مسبوقة لإزالة المعاناة الجنائية ، خاصة انتشار المخدرات والسرقات وسرقة السيارات والبلطجه والخاوات. والأهم من كل هذا وذاك هو القدرة على الحفاظ على الروح المعنوية للعاملين، وزيادة وتيرة الحماس والطموحات مع مرور الوقت، ومقاومة عمليات الإحباط ومكافحة قوى الشد العكسي التي ظهرت بكل اسف الكثير من ملامحها في الفترة الأخيرة .
الامن العام اتخذ الان شكل غير تقليدي، ودخل في مرحلة عمل نوعية جديدة، وعليه الاستعداد لخوض حرب تقليدية طويلة سوف يشنها عليه المفشلون والمتنفذون بالمال ،والمتضررون من حالة الاستقرار ، وعدم الإذعان لطلبات أصحاب المصالح الخاصة ،والتهديدات النيابية والإعلامية ،ومواجهة التحدي، والإصرار على إنجاح التجربة كما أرادها جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه .