تطل الذكرى الرابعة والسبعون لاستقلال الأردن لنقول للوطن ولأهله ولشعبنا الطيب كل عام وانتم بخير….وذكرى الإستقلال هي وقفة مع الذات وسؤال يراود كل منا..! هل اوفينا الاستقلال حقه؟ هل نحن فعلا نسير على الطريق الصحيح؟ واقصد التعليم العالي ونظامنا التعليمي، واترك لغيري الحديث عن باقي القطاعات، هل نحن راضون عن ما انجز؟ هل نحن بقدر طموحات الاردنيين في وطن اجمل؟.
اسئلة كثيرة… ولأن الاردنيين ليسوا كغيرهم، ولا يعيشون على ابار من النفط او الموارد التي ينعم بها غيرهم، لكنهم يمتلكون ثروةً هي الابقى والافضل، لا تنضب كما ينضب النفط وهي الانسان الاردني المعطاء… أغلى ما نملك.
نظامنا التعليمي بخير، رغم جلدنا للذات أحيانا، فهذا طبعنا كأردنيين نطمح للأفضل، ولا يكون هذا إلا بنقد الحاضر ونقد الذات، فلو سالت اي اردني عن وضعنا التعليمي، لقال لك بتردد، جيد ولكنه بحاجة لإصلاح… اذاً نحن مهتمون ونبحث ونُجد في التغيير والتطوير رغم المعيقات… .وفي بلدي احصر معيقات التطور للتعليم العالي بالثالوث إياه، المال والسياسات والإدارات! وقد تكون الإدارات هي الأهم… لأنها تتحكم بالموارد البشرية والمادية والسياسات، ولأن الممارسات الإدارية من تجربتنا الأردنية وعبر تاريخ التعليم العالي مسؤولة عن التأخر والإخفاقات و ظواهر الإنسحاب للمبدعين الذين يجب أن يقودوا نهضة التعليم العالي وتطوره،وتحزن حين تجد أن بعض الإدارات وفي كل المستويات لا ترقى لأن تقود، ولا أن تدير المشهد، إذا علمت أنها تتصف بمحدودية الكفاءة وقلة الخبرة لا بل إنعدامها ، وأن وصولها للمراكز الإدارية ليس بالطرق الصحيحة لا بل بالواسطة..!
وقد يتسائل البعض كيف نستطيع الإستمرار وتحقيق بعض الإنجازات الخجولة ضمن هذه المعطيات، سواء محدودية التمويل أو تخبط السياسات، إضافة لعقم الإدارات (ولا أعمم، فهنالك نماذج إدارية تحترم)، فالجواب، إن نظامنا التعليمي، يستند إلى قاعدة صلبة عميقة من الخبرات والذوات الأكاديمية ، تشكل ركائز وأساس موجود دائماً في مؤسساتنا، حتى لو غاب او غُيب عن المشهد، ولولا هذه الركائز والخبرات، لانهار كل شيء في زمن النكوص والانحطاط والردة واختلاط الحابل بالنابل، لكن يبقى الخير و(الخمرة) كما اسلفت موجودة من خلال قامات وخبرات تعليمية واكاديمية عريقة عملت وتعمل بصمت، وخَرَجَّت اجيال وتعمل بصمت كل ما بوسعها من اجل إحداث نقلة نوعية في نظامنا التعليمي.
نفخر في عيد الاستقلال بما وصلنا اليه، جامعات تتجاوز الثلاثين ، اعداد ملتحقين بالجامعات يقترب من الثلاثمائة الف طالب، ابحاث وباحثين على مستوى عالمي، خريجون يقودون مؤسسات ومصانع ومنشآت، وعجلة الإنتاج في الوطن وفي السوق الإقليمي، جامعاتنا بدات تتلمس طريقها نحو العالمية، ربما بدانا متاخرين ولكنها خطوة الالف ميل، نجاحات تراكمية وتميز ومساهمات على الصعيد المحلي والإقليمي والعالميرأحيانا مع محدوديته… ومبادرات إصلاح اخرها الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية… (والتي لم نسمع عنها منذ فترة..!) نعم هنالك فرق بين ما كان وما هو الآن… .ولكننا نعشق التميز ونطلبه..ونعمل لأجله رغم كل المعيقات، لأن الاردن وشعبه يستحق منا الكثير ، والأسرة الاردنية ستبقى قابضة على الوطن رغم كل المحبطات ورغم السوس الذي نخر جسد الوطن ذات فساد وذات ردة هنا وهناك، املنا بابناء الاردن المخلصين ان يضيفوا على ما تم وان يأتوا بالافضل دائما…وها نحن نجتاز إمتحان الكورونا، الذي اربكنا في البداية، لكن همة الجميع لملمت الجهود والخبرات وحافظت على إستمرارية التعليم ولو بحدود مرضية هنا وغير مرضية هناك، لكن الملفت أننا نخوض التجربة بعزم وصلابة ولا نلتفت للخلف، فالتعليم بعد الكورونا لن يكون كما كان من قبله، وقد يكون فعل الكورونا محركا لتغيير كل شيء ، إذ أنه سيفرض علينا أن لا تكون الأدوات والسياسات ذاتها، في عيد الإستقلال نفخر بالإنجازات، ونبقى مثقلين بهاجس التطور والتقدم، فالعالم يتقدم ويتغير، ونحن يجب أن نواكب التغيير على الأقل… إن لم نستطيع صنعه… !
.كل عام وبلدنا واهله وقيادته بخير… .وكل استقلال والمسيرة تزداد إشراقا وعنفوانا… حمى الله الاردن.