نعترف بداية أن دول كبرى لديها وزارات تقل عن نصف عدد الوزارت في بلدنا… ! ومعروف أن الأولوية في الدمج في بلدنا يجب أن تكون عاجلة للهيئات المستقلة التي فُصلت تفصيلاً ذات غفله، للذين لا يسعفهم نظام الخدمة المدنية في الدولة الأردنية برواتب ومخصصات فلكية لا تناسب اقتصاد بلد يعيش على الضرائب وجيوب المواطنين!، أيضا ولكي نكون منصفين فبعض الهيئات فرضها واقع البيروقراطية المقيت في وزاراتنا وإنعدام المؤسسية، لكن في المحصلة هذه الهيئات تعمل عمل الوزارات وتستنزف الميزانية بمليارات الدنانير كل عام بعضها يربح وغالبها يخسر أي يستنزف اموال الخزينة، والكل متفق على دمجها مع الوزارات المشابهة لعملها إلا بعض المستفيدين والمتنفذين وأصحاب المصالح الضيقة، وكل ما تم بهذا الموضوع يتم على استحياء ومن باب ذر الرماد في العيون، مطلوب قرار سياسي من اعلى المستويات نصبح فيه على صفر هيئة، وتنقل وتدمج الهيئات مع الوزارات وتخفض الرواتب للجميع بما يتناسب وسلم الرواتب الحكومي.
أما وقد شَكل مجلس الوزراء قبل فترة لجنة لدراسة دمج وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم فالدمج له فوائد إذا تم إلحاق هيئة إعتماد مؤسسات التعليم العالي والمركز الوطني لتنمية الموارد البشرية والمركز الوطني للمناهج لهذه الوزارة ، وكل مزودي التعليم والتدريب للقطاع العام، بحيث تسند مهام تنفيذية فاعلة من الدرجة الأولى لأمناء عامين يديرون ملفات التعليم العالي والتربية وكل ما يتصل بهما، إضافة لملف تنمية وتأهيل الموارد البشرية، بحيث يكون هنالك تكامل في العمل وتنسيق واتساق في الرؤيا والأهداف، بحيث ينشأ مجلس أعلى للتعليم العالي ومجلس للتربية والتعليم ومجلس متخصص للتعليم التقني والمهني إضافة لمجلس أعلى للقوى البشرية من الخبراء، تكون جميعها تابعة لوزارة تستحدث يمكن تسميتها وزارة التعليم والقوى البشرية تكون مهمتها رسم السياسات والاستراتيجيات لكل الشؤون التي ذكرتها، ومن الضروري إتباع المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية ليكون جزء من الوزارة ويعطى اهمية تنفيذية فاعلة لرسم استراتيجيات الكم والنوع للقوى البشرية وكذلك التخطيط للقوى البشرية من خلال الإرتباط المباشر مع وزارة التعليم الجديدة التي تعتبر المزود الرئيسي للتدريب والتعليم والتأهيل، بحيث يتم خلق تناغم وإتساق فعال على المستوى الوطني، بين العرض والطلب للقوى البشرية، بدل هذا التخبط والعشوائية لخريجين بتخصصات لا يطلبها سوق العمل وتغذي سوق البطالة الذي يعد معضلة كبرى في وجه الحكومات الاردنية والتطور الاقتصادي والاجتماعي، إذ أن الوضع الحالي لا يوفر ذلك، موضحاً أن هذه بعض هذه المضامين وردت في الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، إضافة إلى ضمان عدم تشتت مصادر التمويل لعمليات التعليم والتدريب في كل المراحل، حيث ان تشتت التمويل لمزودي التعليم بانواعه وبالذات المهني والتقني قلل من فعالية الإستخدام الأمثل للموارد، ولم يعطي النواتج المرجوة عبر سنين من التشتت والعشوائية وإختلاف السلطات التعليمية والتدريبية، والتشريعات، الدمج لن يوفر ماليا بشكل كبير في المدى المنظور لأن الموظفين ذات الموظفين والمصاريف الجارية ذاتها تقريباً، وربما نحتاج لخبراء وليس موظفين ليساعدوا، لكن في المدى البعيد سنحصل على فوائد كبيرة في التخطيط للتعليم والقوى العاملة على المستوى الوطني وهذا يجب أن يكون الهدف الرئيسي لدمج الوزارتين والهيئات التي ذكرت، مع التأكيد على إتباع المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية وهيئة إعتماد مؤسسات التعليم العالي وكذلك المركز الوطني للمناهج وحتى مؤسسة التدريب المهني، بحيث يصبح لدينا منظومة وطنية واحدة متكاملة مركزة تخطيطا وتمويلا، ولنا في قرار جلالة الملك بدمج الامن العام والدرك والدفاع المدني، وما تحقق من احترافية ونجاح في أزمة كورونا التي داهمتنا.
اما إذا كان التفكير سطحيا بسيطا لتوفير بعض المال والوظائف فالدمج عديم الفائدة، وكذلك إذا بقيت الصلاحيات الرئيسة لعمل الوزارة بيد الوزير بعد الدمج ولم توزع المهام حسب الإختصاص فلن يستطيع الوزير ذلك، وستتعطل معاملات وأعمال الوزارة المدموجة بإنتظار توقيع معاليه..! لأن الوزير لن يكفيه الوقت لبعض الزيارات الميدانية للجامعات او المدارس ومرافق وزارته الكبيرة الجديدة، وكذلك الإجتماعات عدا عن الاحتفالات والإلتزامات البروتوكولية، فإذا تم الدمج وبقيت البيروقراطية فلا فائده من الدمج.
اعتقد أن ما طرحته أولا سيكون عنواناً لعمل اللجنة المشكلة وستنظر إلى الموضوع نظرة شمولية تخطط للمرحلة القادمة في بناء وتنمية الموارد البشرية على المستوى الوطني ضمن تخطيط محكم ومتسق، نتأمل الأفضل دائماً فبلدنا فيه الخير ولدينا طاقات بشرية بمستويات عالية تحتاج للتفعيل والتأطير ودعونا نفكر مرة واحده خارج الصندوق… مقترح أتمنى أن يلقى الإهتمام لدى حكومتنا… حمى الله الأردن.