قال المستشار الاقتصادي والمالي وعضو منتدى الفكر العربي الدكتور عدلي قندح، إن هناك قدراً كبيراً من عدم اليقين إزاء حجم تأثير جائحة كورونا على الاقتصادات العربية، فتأثير الجائحة، يعتمد من جهة على عمق الانكماش خلال الربع الثاني من عام 2020، ومن جهة ثانية على حجم الصدمة المعاكسة ومدى استمراريتها.
وأضاف قندح، في محاضرة عقدها منتدى الفكر العربي عبر تقنية الاتصال المرئي، أخيراً، لمناقشة الآثار الاقتصادية الأولية والمستقبلية لجائحة كورونا على المنطقة العربية، أن حجم الاقتصاد العربي يشكّل حوالي 1ر3 بالمئة من الاقتصاد العالمي، وكان من المتوقع أن ينمو بنسبة 3ر3 بالمئة عام 2020، إلا أنه وبسبب الجائحة وتراجع أسعار النفط يتوقع أن ينمو بنسبة ناقص 7ر4 بالمئة، ما يعني أنه سيخسر ما يعادل 220 مليار دولار من ناتجه المحلي الإجمالي عام 2020، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
وأشار قندح في المحاضرة التي أدارها الأمين العام للمنتدى الدكتور محمد أبوحمور، إلى أنه يُتوقع أن تؤدي الأزمة إلى زيادة أعداد العاطلين عن العمل في المنطقة العربية، ويتوقع أن يفقد حوالي 7ر1 مليون شخص وظائفهم بالدول العربية، ما يرفع نسبة البطالة بنسبة لا تقل عن 5ر1 بالمئة إلى 5ر2 بالمئة بالإجمالي.
وحول الاقتصاد الأردني كأنموذج في مواجهة تأثيرات أزمة كورونا، قال قندح: إن تأثير تفشي المرض على الاقتصاد الأردني كان شديداً بالفعل؛ ومن المتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4ر3 بالمئة كحد أدنى في عام 2020؛ ما سينعكس على شكل زيادة في العجز المتوقع بمقدار 1ر1 مليار دينار، وهذا سيرفع العجز المقدّر للعام 2020 إلى أكثر من 1ر2 مليار دينار، وتقدّر حجم الخسائر في الناتج المحلي الإجمالي في الأردن بحوالي 6ر1 إلى 8ر1 مليار دينار لهذا العام.
بدوره، قال أبو حمور، إن المنطقة العربية أمام استحقاق إعداد الخطط والاستراتيجيات الإصلاحية والبدائل على أسس واضحة لبناء قدراتها المحلية والعربية والإقليمية.
ولفت إلى أن أكثر من 8 ملايين شخص في المنطقة العربية سيكونون ضحايا للفقر نتيجة انتشار وباء كورونا حسب ما أوضحت دراسة لـ"الإسكوا" مؤخراً، وسبق للبنك الدولي أن أعلن أن الدول النامية ستتعرض لخسائر بأحد أهم مصادر دخلها ألا وهو تراجع تحويلات المغتربين بنسبة 20 بالمئة بسبب الركود العالمي.
بدورها، قالت المديرة العامة لمؤسسة رفيق الحريري في لبنان سلوى السنيورة بعاصيري، في مداخلة لها، إن التصدعات التي كان يعاني منها الاقتصاد العالمي والاقتصاد العربي قبل الجائحة هي السبب الأساسي في تردي الأوضاع الاقتصادية، وقد جاءت أزمة كورونا لتثبت أنه ليس هنالك من مناعة عند كلا الاقتصادين، موضحة أن عدم مراعاة البُعد الإنساني في الأنظمة السياسية والاقتصادية سيؤدي إلى تكرار الأزمات.
من جهته، ركّز رئيس جمعية الأمان للتوعية بالأعمال المصرفية والمالية الدكتور عبد المهدي علاوي على أن المؤشرات الخطيرة التي تظهرها الأرقام بزيادة نسبة الفقر لتشمل حوالي ربع سكان العالم العربي، تدعو لاتخاذ خطوات عاجلة لتدارك هذا الخطر؛ داعياً إلى إنشاء صندوق عربي لدعم القطاع الخاص في إطار استراتيجية ببعد إنساني واجتماعي وبعد أخلاقي.
وفي إطار الاستعداد للتحديات الاقتصادية القادمة، طالب عضو مجلس إدارة غرفة صناعة عمّان إياد أبو حلتم، الحكومة بتبسيط إجراءات التجارة الخارجية والداخلية، والمعاملات الحكومية، والتراخيص، وانسياب البضائع.. وغيرها من الإجراءات، مع التأكيد أن تكون الصناعة والزراعة على رأس الأولويات ليتسنى للقطاعات الإنتاجية المساهمة في التشغيل واستيعاب القوى العاملة والتخفيف من البطالة .
أمّا الكاتب والمحلل الاقتصادي خالد الزبيدي، فدعا إلى تفعيل سوق رأس المال وأدواته واستحداث سوق للسندات، وتفعيل قنوات تمويل طويلة وقصيرة الأجل في إطار منظومة جديدة لتسريع الانتعاش الاقتصادي، وتسريع تطبيق سياسة التخلص من المؤسسات المستقلة لتخفيض النفقات، والإعفاء الضريبي لمدخلات الزراعة، وأيضاً العمل على تغيير النمط الزراعي، والتحول إلى الزراعة المائية والزراعة بالتنقيط .