الخير وإن تباطأ مقدمه، يظل خيرا. والشتاء المتأخر بعد جدب يدعى غيثا.
منذ سنوات والقوى الحية في الشعب الاردني تطالب بالاصلاح السياسي والاقتصادي والمالي والاداري.
ولأن الملك بحكم الدستور " يحكم بواسطة وزرائه" لم يفتأ يوجه الحكومات المتتالية في كتب التكليف وفي جلسات المراجعات واخيرا في الاوراق الملكية، بضرورة مكافحة الفساد وكسر ظهره، ومحاسبة من تجرأ عليه واستمرأه. إلا ان استجابة الحكومات المتعاقبة كانت إما معدومة، أو إنتقائيه شكليه، تستضعف المستضعفين لذر الرماد في العيون.
لذلك، كان لا بد أن يأخذ القوس باريها.
منذ بداية جائحة الكورونا، نزل الملك الى الساحة، وتصدى للخطر ليس بالتوجيه، وليس بواسطة وزراءه فقط كما يتطلب الدستور وكما كان يفعل. بل باشر الملك دوره كرئيس للسلطة التنفيذية. وفي الوقت نفسه، لم تخذله حكومته هده المرة، ولا جيشه والاجهزة الامنية. لذلك كان الانتصار حاسما على خطر الكورنا، وأُستبعد الانحسار الاقتصادي عندنا، مع أنه يتمدد بخيلاء على ساحات الدول الاكثر تقدما ومنعة.
وفرت ظروف الجائحة الفرصة لاقتراب الملك اكثر من شعبه، وتفرغه للشأن الداخلي، في عالم اصبح الشأن الداخلي لا منافس له على اجندة جميع الدول دون استثناء.
لم تستهوي الملك مقولة استراحة المحارب، فقرر ومعه ولي عهده الامير حسين، ورئيس الحكومة ان تنتقل المواجهة من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر. من مجاهدة الكورونا الى مجاهدة الفساد وزلزلة اركانه وتحطيم معابده وهتك بيوت العنكبوت التي يتحصن فيها كهنته.
إن الشعب الاردني، وهو يتابع بشغف كبير ولهفة ما يجري على جبهة مقارعة الفساد، لَيبادلُ الملك اقترابا الى اقترابه، ويسانده، ويعلن ويجدد موقفه ان لا حصانة لفاسد، ولا عشيرة لفاسد ولا اقليمية لصالح فاسد. وان القانون اكبر من الفاسدين جميعا. وان الشعب لا يرى فيما يصدر عن الفاسدين، الذين اصبحوا معلقين في الهواء من بيانات وتصريحات وتهديدات جوفاء، إلا مشابهة للغريق الذي يتشبث بعود مهترئ على وجه المحيط العاصف عله ينجو من الغرق. مظاهر استغلال اموال الفساد لتوظيف البغاث، لمناصرة الفاسدين، لن تعطيهم قوة. إنه مجرد حيط مايل من الكرتون يستندون اليه.
بوركت جهود الملك، وبوركت جهود ولي عهده، وبوركت جهود الحكومة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد وسائر الاجهزة الامنية والقضائية.
الشعب الاردني واثق بأنه سيتمكن بقيادة الملك وولي عهده ان تكون اللعبة هذه المرة لعبة صفرية. Zero sum game, وليس رابح رابح win win كما يتمنى الفاسدون، وكما يشيع المشككون.