الفساد… وما ادراك ما الفساد… لنضع الفساد المالي جانبا، لانه ولتاريخه لم نكتشف فاسد واحد من الفاسدين الحقيقيين، اما ذر الرماد في العيون وقضية كسر ظهر الفساد التي نادى بها جلالة الملك، لم تحتمل التطبيق بعد… ! وموضوعي اليوم هو الفساد الإداري، وأشكاله مختلفة ومتنوعة وفيها تفنن وحيثيات تدخلك في نفق لا تخرج منه، وإن خرجت ستتلمس نفسك حتما… !
القضية التي تؤرقنا جميعا تدوير الأشخاص في المناصب العليا، تجد في السيرة الذاتيه لأحدهم أو إحداهن، تسنم عشرات المناصب وطبعا كلها من المناصب ذات الرواتب والإمتيازات العاليه، وتتعجب ان بعضهم يشغل اكثر من منصب ومهمة وعضوية مجالس إدارات وغيره في ذات الوقت، وأحيانا تشعر أن المسؤول الأردني صاحب الحظوه مثل التعريف الفيزيائي لقانون حفظ الطاقة (لا تفنى ولا تستحدث بل تتتحول من شكل إلى آخر)… وكذا جماعتنا… مناصب من المهد إلى اللحد ، إمتيازات، سفرات، تنفيعات، واسطات،… .حدث ولا حرج، والمشكلة عندما تبحث عن مؤهلات بعضهم ستجد أن مؤهله الأول هو الوراثة أو قربه من س أو ص ، أو علاقه مصلحية أتت به، ولا تجد من المؤهلات المطلوبة في الإعلانات شيء لدى صاحبنا، فهو كائن خرافي يفهم في كل شيء ، ويجيد كل شيء وصالح لكل زمان ومكان، وأعجب أن يؤتى ببعضهم بعد التقاعد، لينصبوا من جديد ويعاد تدويرهم..! ناهيك عن الإستنساخ..! كنا سنرضى لو أن لدينا نقص في الكفاءات، ولكن اعتقد أن بلدنا تعج بالكفاءات القيادية والفنية، ولكن لم يأخذوا فرصتهم، لأن هنالك إغلاق وإعادة تدوير وتنفيعات من تحت الطاولة وفوقها تُفرض هنا وهناك دون خجل أو وجل… !
ونسأل عن سبب عجزنا وتأخرنا عن ركب الأمم..! يا ساده ما يحدث في بلادنا لن تجده في أي بلد متقدم، الكفاءة والقدرة هي العنوان الرئيس لأي منصب، وما عندهم ولاد حراثين وأولاد دراسيين، وجعنا(منا وفينا)، احدهم متقاعد أو متقاعده والعمر فوق الستين… وشبع سابقا من المناصب والمكاسب، ولم يسجل نجاحات تذكر… .! يؤتى به لأكثر من مره ليجلس على صدورنا من جديد، وهو فارغ بالغالب لا يوجد لديه ما يعطيه… ولكنها قضية التدوير لأصحاب الذوات والحظوات أرهقت جهازنا الإداري، وأحبطت جيوش من حملة الشهادات العليا وأصحاب الخبرات والكفاءات، وجعلتهم (يغسلوا ايديهم من كل شيء) وأرهقت مؤسساتنا وشركاتنا وأقتصادنا الهش اصلا، هذه العقلية الحكومية الموروثة في التدوير وإعادة الإستنساخ مدمرة للإقتصاد وللعباد… .ارحموا بلدكم واهلكم، دعونا نشعر يوما أنكم منا واننا منكم…حمى الله الأردن.