كان انفصال لبنان عن سوريا الام حوالي منتصف الاربعينات امر غير طبيعي حيث كانت فرنسا المنتدبه على القطرين تحث وتشجع على ذلك الانفصال " متبنية " للموارنه بينما تبنت بريطانيا المسلمين - السنه( طبعا لا هؤلاء حبا في الموارنه و لا اولئك حبا في الاسلام السنه) فيما ظل المسيحيين الارثوذكس " استقلاليون وضد الانفصال هم والدروز وبعض الشيعه الذين كانوا مهمشين.. و هكذا جاءت تركيبة السلطه منذ البداية بتقاسم طائفي " غير مكتوب لكنه متعارف عليه ليكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا ورئيس مجلس الوزراء مسلم سني و رئيس مجلس النواب مسلم شيعي ..
الارثوذكس العروبيون خرجوا من المعادله لكنهم لحقوا حالهم - لاحقا -بمنصب نائب رئيس مجلس النواب ( او الوزراء) حسب الظروف .
اتفق العرب منذ نهاية الخمسينات على ان تظل لبنان بلدا محايدا وخارج الصراعات العربية بين" تقدمي او رجعي" حيث كان لبنان يمثل سويسرا ثانيه - بلد محايد سياسيا وبلد يضمن لاي فرد يدخله حرية اللجوء السياسي . كما كان موطن لحرية الصحافة وليبرالية الاقتصاد وكانت البنوك اللبنانية مضمونه وموثوقه . كان لبنان موطن لاي مفكر عربي لا موطن له .
وبالطبع اصبحت لبنان البلد الاعلى مستوى معيشة والاكثلر انفتاحا وصحافتة الاكثر حرية وانفتاحا واحزابه الاكثر جراه .
هذا النموذج السويسري لم يعمر طويلا .. ففي السبعينات و مع تزايد التدخلات الاقليمية التي اخذت اشكالا مليشاياويه تراجع كل شيء فيه - اسرائيل تتدخل بحجة الوجود الفلسطيني المسلح في الجنوب والحركة والاحزاب اليسارية التي وقفت مع المنظمات الفلسطينيه وفي المقابل مليشيات يمينيه تؤيدها قوى عربية ودولية" رجعية " و محافظة وكان بالطبع الصدام حتميا - صدام استمر وتصاعد كحرب اهلية دمرت كل شي خلال عشر سنين .
ليعود لبنان - كطائر الفينيق( الفنيكس) عندما قامت العربية السعودية باخذ المبادره وبتنسيق مع الدول العربية المعنية بوساطة بين اللبنانيين - السعودية التي تملك علاقات قديمه ومؤثرة مع الموارنه و مع اليمين اللبناني و في المقابل كانت مؤثرة في فصائل وجماعات من الطرف الاخر. فتم عقد مؤتمر مصالحة في الطائف توصل اللبنانيون فيه الى حل توافقي حافظ على التوازن الطائفي السابق لكن مع صعود قوى جديده ومؤثرة وهي مليشيات الشيعه( التي كان الفلسطينيون قد دربوهم وسلحوهم في الجنوب) ..
كان لزعامة رفيق الحريري وشخصيته الوطنية دورا كبيرا في حل الازمه فعاد كلاعب رئيسي وتراس الحكومة اللبنانية بما يشبه الاجماع الوطني في ظاهرة تكررت في شخصية بشارة الخوري اول رئيس لبناني و اللواء فؤاد شهاب الذي خلص لبنان في اواخر الخمسينات واوائل الستينات من ازمة الصراعات الاقليمية على لبنان .
المؤامرات والاطماع الاقليمية وامتداداتها الداخليه عادت بقوة لتخرب الاستقرار حيث امتدت يد الخيانه لتغتال الرئيس رفيق الحريري وهي غير مدركة انها تغتال لبنان من خلاله .
و منذ ذلك الوقت عادت المشاحنات وعادت القوى الصاعدة وعلى راسها مليشيات حزب الله لتكون القوة الرئيسية والرقم الصعب في الواقع اللبناني - وعاد الشحن الطائفي والمناطقي وعاد لبنان مرتعا للمخربين من كل حدب وصوب ... التفجير الاخير حلقة من سلسلة التخريب الذي يلحق بلبنان في السنين الاخيره ... انا على قناعة ان لبنان سيعود وسينتصر على كل الزعامات والمليشيات والاحزاب و السماسرة المرتبطة بالخارج .. الثمن سيكون غاليا لكن لبنان - طائر الفينيق سيخرج من الرماد ... ويعود مغردا بالحريه ..و معه احرار الوطن السوري والعربي كلهم .