أكد عامل معهد الدراسات الشرقية التابع لاكادمية العلوم الوطنية الآذربيجانية د. سبحان علي أكبر طالبلي على أن آذربيجان ناضلت دولة و شعبا من أجل الحرية و الاستقلال منذ العصور القديمة و التي تشتهر في العالم بتقاليدها القديمة في تأسيس الدولة و الموارد الطبيعية و القيم الشعبية و المعنوية و الشخصيات الاجتماعية و السياسية و الثقافية. قائلا انتهجت الارمن سياسة التمييز العنصري و الديني ضد الشعب الاذربيجاني بمساعدة القوى الاقليمية و العالمية و احتلوا اراضي آذربيجان التاريخية و نفذوا عملية التطهير العرقي و الابادة الجماعية مع تشريد الشعب الاذربيجاني من الاراضي الاذربيجانية التاريخية. احدى من هذه المآسي الدموية التي سُجلت في تأريخ آذربيجان هي "مأساة 20 يناير". يسمي الشعب الاذربيجاني هذه المأساة ب"يناير الدامي" او "يناير الاسود".
أردف د. سبحان علي أكبر طالبلي كان يهدف الزعيم السابق للاتحاد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف قي عام 1985 إخراج منطقة قرة باغ الجبلية ذات الحكم الذاتي من سيطرة جمهورية آذربيجان الاشتراكية السوفيتية (1920-1990) و دمجها في جمهورية أرمينيا الاشتراكية السوفيتية و ايضا بدأ بحملة تشهير ضد الزعيم الوطني للشعب الاذربيجاني حيدر علييف و تهجير الاذربيجانيين من اراضيهم التاريخية من يريفان و قمع الحركة الشعبية الاذربيجانية . الاحداث التي وقعت في مدينة سومغايت و قرة باغ الجبلية في اواخر الثمانينات قد ادت الى حماسة قوية لحركة التحرر الوطني في آذربيجان عام 1988. هكذا رأى الشعب الاذربيجاني حريتهم و استقلالهم في الانفصال عن الاتحاد السوفيتي و تأسيس جمهورية آذربيجان المستقلة. في منتصف يناير 1990 قد تم تمركز أكثر من 66.000 جندي و ضابط من وزارتي الدفاع و الداخلية السوفيتية و القوات الخاصة الاخرى في باكو.
في 15 يناير 1990 وقع رئيس مجلس السوفيات العليا لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية ميخائيل غورباتشوف مرسوما باعلان حالة الطوارئ في قرة باغ الجبلية و المحافظات الاخرى مع الاقتراح الى هيئة رئاسة مجلس السوفيات العليا لجمهورية آذربيجان الاشتراكية وفق الفقرة 7 من هذا المرسوم داعيا الى اتخاذ جميع التدابير اللازمة بما فيها فرض حظر التجوال في باكو و كنجا و مناطق سكنية اخرى. على عكس المرسوم المذكور اعلاه انتهك ميخائيل غارباتشوف انتهاكا صارخا للمادتين 119 من دستور الاتحاد السوفيتي و 71 من دستور جمهورية آذربيجان الاشتراكية بتوقيع المرسوم باعلان حالة الطوارئ في مدينة باكو من ليلة 19 يناير على 20 يناير.
قال د. سبحان علي أكبر طالبلي في 19 يناير قد تم تفجير كتلة طاقة في التلفزيون الجمهوري لسد ابلاغ السكان رسميا باعلان حالة الطوارئ في باكو نتيجة العملية التي نظمتها مجموعة "ألفا" لدى لجنة امن الدولة و قيادة الاستخبارات السوفيتية. في تلك الليلة حدثت التظاهرات و أقيمت 26 حاجزا في الاماكن المختلفة بمدينة باكو و تم قطع الطريق المؤدي الى مداخل و مخارج لوحدات عسكرية في المدينة.
افاد د. سبحان علي أكبر طالبلي على الرغم من فرض حالة الطوارئ في باكو، ابتداء من 19 يناير الساعة 9 مساءً أقيمت بادخال القوات المسلحة الى مدينة باكو من اتجاه قريتي تركان و قالا. و قام بتنفيذ "عملية باكو" مباشرة وزير دفاع الاتحاد السوفيتي ديميتري يازوف و وزير الشؤون الداخلية فاديم باكاتين و نائب لجنة امن الدولة فيليب باباكوف.
أعرب د. سبحان علي أكبر طالبلي قامت قوات حامية باكو و الوحدات العسكرية و الجنود من القوات البحرية بهجوم عنيف على المدينة. و المعدات العسكرية الثقيلة دمرت الحواجز بسهولة. و كانت شوارع المدينة مملوءة بدماء الجرحى المصابين بالرصاص من الشيوخ و النساء و الاطفال. قام الجنود من القوات المسلحة السوفيتية بإطلاق النار على المواطنين المسالمين العزل و المنازل و الاسعافات و مقتل الجرحى و حرق الجثث و مثلوهم. قبل اعلان فرض حالة الطوارئ ارتكب الجيش السوفيتي جريمة بشعة في شأن مواطنيه و لم يتم اعلان سكان باكو رسميا بتطبيق حالة الطوارئ و مدتها منذ توقيع المرسوم وفقا للفقرة الاولى من الحقوق المدنية و السياسية لعام 1966. تم استخدام الدبابات و المدرعات ذات الاغراض المختلفة في العمليات العسكرية التي بدأت من ليلة 19 يناير عام 1990، و تمركز الجنود في مدينة باكو متغولين من سفن عسكرية تابعة للقوات البحرية في بحر قزوين.
أكد د. سبحان علي أكبر طالبلي على أنه خلال مأساة يناير الدموية تغولت القوات المسلحة السوفيتية الى باكو خلافا عن الدستور و نتيجة التداخلات العسكرية قتل 147 شخصا و جرح 744 شخصا آخر و اعتقل 841 مواطنا بشكل غير شرعي في باكو و المناطق الاخرى من آذربيجان و كذلك تم نقل 112 شخصا من المعتقلين الى مدن مختلفة من الاتحاد السوفيتي مع احتجازهم في السجن. دمر الجيش السوفيتي 200 منزل و شقة و 80 سيارة بما فيها سيارات اسعاف و ايضا تم تدمير الممتلكات الحكومية و العامة نتيجة نيران الرصاصات المحرقة. و تضررت الممتلكات الحكومية و العامة و الخاصة بمبلغ 5.637.286 روبل بالاسعار الجارية آنذاك.
تحدث د. سبحان علي أكبر طالبلي بخصوص مأساة نفطشالا 25 يناير عام 1990 مؤكدا بعد بضعة أيام القوات المسلحة السوفيتية التي تغولت الى باكو لقمع ارادة الشعب الآذربيجاني توجهت الى مدن نفطشالا و جليل آباد و لانكران. خلال يومي 25 و 26 يناير اشتبكت القوات المسلحة السوفيتية مع السكان المحليين العزل في تلك المناطق بذرائع مختلفة و اعتقلت و أطلقت النار على الابرياء. بدأت الحوادث في 25 يناير في الساعة السادسة و النصف مساء. قبل الاحداث كان نشطاء حركة التحرير الوطني في نفطشالا يواصلون المفاوضات لمنع اي مجازر او مواجهة محتملة. لكن الجيش السوفيتي الذي كان ينفذ خطة استفزازية في نفطشالا جمع المتظاهرين تحت عنوان المفاوضات في مبنى لجنة دفاع قرة باغ الجبلية مهددا و مطالبا بتسليم أسلحة. بعد تجمع الناس داخل المبنى حدثت انفجارات خارج المبنى و تم اطلاق النار على الذين فروا من المبنى و نقل النشطاء المعتقلين الى قرية بانكا و هم مقيدون بأذرعهم. كان يقتاد المسلحون الدبابات و المدرعات الى بيوت المواطنين و يدمرون الممتلكات الخاصة.
قال د. سبحان علي أكبر طالبلي كتب ابراهيم نورلو في كتابه "مجزرة يناير في نفطشالا" مشيرا الى "ان جنود الاتحاد السوفيتي كان يسيطر على الوضع في نفطشالا و تجولت الدبابات في شوارع المدينة" و احد من مغاوير "20 يناير" علي أكبر طالبوف الذي شارك في المعارك لاجل استقلال آذربيجان و سلامة اراضيها كان يتذكر عن نشاطه في حركة الحرية الوطنية قائلا : "بدأت نشاطي في حركة الحرية الوطنية من نوفمبر عام 1988 حتى عام 1993. و لم يكن لدينا أسلحة على الاطلاق اثناء التظاهرات في نفطشالا و احتججنا على أحداث 20 يناير التي تجري في باكو. في ذلك الاثناء تلقينا بمعلومة تفيد بأن قائد الوحدة العسكرية يطالب اللقاء معنا و اتفقنا على هذا اللقاء لكي لا يعرضوا السكان للخطر. قبل يوم من هذا المقابلة كانت مروحيات تحلق في سماء نفطشالا و جنود الاتحاد السوفيتي يطلقون الرصاصات و يشتبكون مع المواطنين بخلق الاستفزاز العسكري. كانت لدينا معلومة معتمدة بأن مجموعة "آلفا" الخاصة التابعة للقوات المسلحة للاتحاد السوفيتي قد جاءت الى نفطشالا لاجراء العملية الاستطلاعية. كنا نعلم بأنهم سترتكبون بهذه الجريمة في نفطشالا ايضا و لكنا سمعنا عن هذه الخطة الاستفزازية في وقته المناسب و لم نسمح بمجازر جديدة بواسع النطاق. على رغم من ارادة الشعب ارتكب الجيش السوفيتي بهذه الجريمة و استشهد شخصان من نفطشالا. خلال الاحداث الدامية في باكو شاركت ايضا في عملية الحصار التي نظمتها قوارب الصيد لمنع مجزرة القوات المسلحة السوفيتية. و قاومنا على القوات السوفيتية في خليج باكو و حاولنا منع دخولهم الى مدينة باكو. ما اطعنا الروس و رفعنا علمنا على جسر سفينتنا. تعرضت للاضطهاد من قبل حرس الحدود مرارا و كرارا. لكنني لم أغير اهدافي و عقيدتي بأنه لا يمكن الخيانة لاجل الحقيقة و الوطن. خلال فترة من الاحداث الدموية في نفطشالا كنت أعتبر ميتا. لان قادة الجيش ارادوا عقوبة اعدام المتظاهرين رميا بالرصاص و لكن في اللحظة الاخيرة غيروا رأيهم و اخذونا الى باكو على متن مروحية. عندما وصلنا الى مطار باكو قاموا بصفنا و حاولوا رميا بالرصاص علينا و في هذه اللحظة حضرت المجموعة الاستقصائية الاذربيجانية الى مكان الحادثة و اخذونا الى سجن في منطقة شوالان و بعد ذلك تم نقلنا الى مستشفى بسبب حالتنا الصحية الخطيرة. بعد ان تعافيت قد انضممت الى حركة الكفاح مرة أخرى"
أعرب د. سبحان علي أكبر طالبلي حصيلة الاحداث التي وقعت في 25 يناير عام 1990 في نفطشالا شهيدان سقطا و جرح 10 اشخاص اخرين و تعرض اكثر من 30 شخصا لضرر كبير بشكل عام. خلال احداث يناير عام 1990 مُنحت اللقب الفخري " مناضل لاجل الحرية" على مجموعة من الجرحى التي أظهرت شجاعة عالية و حماسة وطنية اثناء الهجوم العدواني الى باكو و عدة مناطق من آذربيجان من قبل القوات المسلحة السوفيتية. حصل 12 شخصا على اللقب الفخري "مناضل لأجل الحرية" من مدينة نفطشالا بما فيهم علي أكبر طالبوف، نور الدين آغاحسينوف (بعد وفاته)، أبو الفضل جعفروف ( بعد وفاته)، شمس الدين أروجوف (بعد وفاته)، رامز حسينوف، نوروز داداشوف، بختيار آغاييف، محمد فرضييف، فرمان حسينوف، أقتاي أروجوف، علي حيدر محمدوف، عبد الله آغاييف، إمام وردي زينالوف.
أشار د. سبحان طالبلي الى أنه خلال الايام الدموية في يناير كان 11 شهيدا من الذين سقطوا من اجل حرية الشعب الاذربيجاني من مدينة لانكاران و جرح 11 شخصا اخرين و أعتقل 46 شخصا في 26 يناير عام 1990.
تجدر الاشارة الى ان جمهورية آذربيجان تحتفي بيوم 20 يناير "يوم الحداد" رسميا و كما أنه يوم العطلة. في نفس اليوم يأتي الشعب الاذربيجاني الى باكو من جميع المدن و المناطق الاخرى لزيارة الشهداء الذين سقطوا لأجل حرية و استقلال شعبهم. فيما يتعلق بمأساة 20 يناير اتخذ البرلمان الاذربيجاني قرارا بشأن " الاحداث المأساوية التي وقعت في 20 يناير 1990 في باكو" بناء على مبادرة الزعيم الوطني الاذربيجاني حيدر علييف. اثناء إعادة مقبرة الشهداء بأمر من رئيس جمهورية آذربيجان إلهام علييف في عام 2007 تم رفع أعمدة نصب "الشعلة الابدية" و تزيين مسامات النجمة ثمانية الزاوية و المرآة في النصب بالذهب. توجد مقبرة الشهداء المخصصة لشهداء 20 يناير و خوجالي و حرب قرة باغ الجبلية في باكو و نفطشالا و لانكاران و المحافظات الاخرى من آذربيجان.