دون أدنى تجاوز على المواعيد القانونية، تم الإفراج عن المعتقلين بقرار قضائي على ذمة قضية نقابة المعلمين، في ممارسة تؤكد أننا دولة قانون، ولا نختلف حول نصوصه القطعية، لذلك كان من الطبيعي واحتراماً للنص القانوني أن يتم يوم الأحد الماضي الإفراج عن المعتقلين على ذمة هذه القضية مع استمرار النظر فيها،وهو ما توقعه محامي النقابة في تصريحات صحفية نشرت قبل يوم واحد من التكفيل قال فيها " أن المادة "114" من قانون أصول المحاكمات الجزائية تنص على عدم مشروعية أن تتجاوز مدة التوقيف شهراً، لمن أوقف على تهمة تستوجب السجن سنتين فأكثر" وتابع "الشهر يحسب من أول يوم تم توقيفه فيه سواء كان من المدعي العام أو القاضي، وعليه يكون من الواجب إخلاء سبيله والإفراج عنه يوم الأحد 23 آب الحالي" وأضاف "على أمل أن يكون يوم الأحد يوماً مشرقاً وجميلاً على أردننا الغالي تترسخ فيه مبادىء سيادة القانون واستقلال القضاء".
الملفت للنظر أنه عندما جاء القرار القضائي متطابقاً مع توقعات محامي نقابة المعلمين فإن أحداً من أصحاب النوايا السيئة لم يقل أن هناك صفقة في الخفاء وراء هذا القرار،فقد اعتدنا على مثل هذا التشكيك بكل شيء حتى لو جاء من أهل الاختصاص، كما هو حال المحامي الذي لم يخيب توقعه لأنه صاحب اختصاص.
الأمر الآخر الملفت للنظر أيضاً،هو الصمت المطبق الذي إلتزمه البعض إزاءهذه الممارسة القانونية، التي تؤكد أننا نعيش في دولة قانون، فهذا البعض هو الذي ملأ فضائنا الوطني بالبكاء على سيادة القانون، عند توقيف أعضاء مجلس نقابة المعلمين، وصوّر بلدنا على أنه غابة لا يحكمها قانون، بل أن بعضهم تمدد إلى الفضاء الخارجي وكال الكثير من الإتهامات للدولة الأردنية وأجهزتها وصوّرها معتدية على القانون من وجهة نظره المبنية على الجهل الموجه من غرف سوداء تعرف كيف تصنع عقلية القطيع ويقودها، حتى إذا ما جاءت الممارسة القضائية منسجمة مع النص القانوني، إلتزم هؤلاء الصمت وتخلوا عن القيام بدور "النائحة المستأجرة " فلم نقرأ لهم أو نسمع منهم شيئاً، وكان الأولى بهم أن يعتذروا لسلطاتنا ويشكروها على إلتزامها بالنص القانوني، لكنهم لم يفعلوا ذلك، فقد اعتدنا من هؤلاء على ماهو أغرب من ذلك، فبعض هؤلاء هم نتاج تربية تنظيمية لا تعرف إلا تمجيد القائد الرمز أو الإمام الملهم ولا تعرف التعددية ولا الرأي الآخر، وبعضهم الآخر عاش في ظل أنظمة لم يكن فيها الواحد منهم يستطيع فتح فمه إلا للهتاف للزعيم أو عند طبيب الأسنان، أما إذا تعلق الأمر بالدولة الأردنية وأداء أجهزتها، فإنه يتحول إلى شّتام لا حدود لسيل شتائمه، فقد صارت المعارضة عند هؤلاء شتماً للأردن ومدحاً لغيره، وهذه بحد ذاتها تؤكد أننا في الأردن لسنا دولة قانون فقط، لكننا أيضاً دولة تسامح قادرة على احتواء حتى المسيئين من أبنائها.