من أهمِّ نعم الله علينا في الحياة نعمتا السمع والبصر، والخطير أن يكون لنا آذان ولا نسمع بها وعيون لا نبصر بها.
ولربما كثير من وسائل الإعلام الموجَّهة تصبُّ في هذا الإتجاه لتزيدنا طرشاً وعمى. فالإنسان الذي يقدرُ أن يسمع ويفهمَ ما يسمع، وكذلك الإنسان الذي يرى ويحلِّل ما يراه تحليلا صحيحا، لا شك أنّه تتشكل لديه قناعات تجعله يتفاعل باشتباك إيجابي مع مجتمعه، ليغيِّرَ من واقعه ويعملَ على رفعته وتقدمه.
مثلُ هذا الإنسان القادر على الفهم والتحليل يشكل خطراً على من يُريدون عالمنا أن يكون عالمَ طرشان وعميان، إذ من السَهل قيادة الإنسانِ ضعيف الفهم وعديم التحليل، فالجهل يكون سيد الموقف.
لكننا لم نُخلق لذلك، .. لم نخلق للجهل والفقر والمرض، .. لم نخلق لنكون طرشاناً وعمياناً في حياتنا، بل خُلقنا لنقدرَ أنْ نسمعَ ونقدر أن نفهم كلَّ ما يدور حولنا وأن نرى ونحلِّلَ كلَّ ما يحصل حولنا، مما يدفعنا لنكون على قدر أهل العزم ونتخذ المواقف الحاسمة لدرء المخاطر عنّا وعن مجتمعاتنا ورفع أي ظلم يطّل برأسه.
وربما أساسُ إيماننا أنْ نساعد على إزالة الضجيج الذي يَصمّ آذان الناس عن سماع الحقيقية، وأن نعمل على إزالة الغباش والضباب الذي يلفَّ عيون الآخرين. وهذه رسالةُ ودعوةُ كلِّ الروحانيين والمتنورين والمثقفين أن يكلموا معجزة شفاء البشرية من الصمِّ والعَمى.
لذلك، فالمسؤولية كبيرة التي تقع على عاتقنا لفتح ذهن وعقل وقلبِ كلِّ إنسان ليَعِيَ حقيقة واقعه، وينهض بحسّه الإنساني مكرّساً مواهبه وامكاناته وقدراته لخير البشر وسعادتهم والتخفيف من آلامهم وأحزانهم.
بغير ذلك فنحن نضل بوصلة الحياة والهدف الذي خُلقنا لأجله بأنه نكون نوراً للعالم وملحاً في الأرض. فدورنا أن نحوِّل التحديات إلى فرص وامكانات للنجاح والإعتماد على الذات ونبني أوطاننا التي مزَّقتها نيران الفتنة والفرقة والطائفية، ونعيدَ ارساءَ قواعدِ الحبِّ والتعاونِ والتكاملِ والتكافلِ والتعاضدِ تحت راية واحدة وهوية واحدة هي هويتنا الوطنية الجامعة وننشد معاً نيشد بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي.