إلى المعلمين في أول يوم من عامنا الدراسي الجديد ، فالسلام على سدنة الحروف ، وعلى سيدات الكلمات والقصائد ... السلام على صُنّاع المجد والكبرياء ، والسلام على من علّمونا معنى شموخ الألف ، وعنفوان الهمزة ، وأن الوطن مدرسة، وأن المدرسة معركة وموقف يقودها ويبنيها العسكر والمعلمين .. السلام على من علّمونا أن حدّة السين والعين لا تنكسر .. وعلّمونا معنى أن تجمع الصفوف والضمائر جمعا سالما دون تكسير ..
السلام على أصحاب الحق ، فلا مجال للسكون ، وأن الضّمة عند المواقف تصهر القلوب دونما أن تجرح الوطن ،لأنكم أنتم المبتدأ والخبر ، وأنتم من صنعتم جملا فعلية يعرفونها بأسمائكم ، ترفعون الفتحة وتجبرون الكسرة ...
السلام على من علمونا أن ال "لا" ليست فقط شمسية وقمرية ولكنها "لا" الفقراء ، المغموسة بالعرق والتعب ، تقولوها وتقفون عندها وتنادوا عن حقوقكم : أحد أحد ...
تدخلون صفوفكم اليوم وقد إشتاق لكم ولطلابكم .. إشتاقت الألواح لكحل الطباشير ، ولصوت الطلبة وضحكاتهم ، لجدائل بنات المدرسة وللشبر المعقود فوق الشعر الندّي ، وهُنّ يعبرن دروب القرى نحو سور المدرسة كل صباح..
تدخلون صفوفكم وأنتم تشتاقون للسلام الملكي في الساحة ، تقرؤون نشيد العلم وهو يُرفع على السواري: "خافق في المعالي والمُنى... ".. تدخلون الصفوف وتنشرون الأمل أنّنا صنّاع الحياة رغم الوباء والبلاء .. وترسمون المستقبل بالمسطرة ، فما بين القلب والقلب في وطننا أقصر مسافة ، حدودها نقاط مستقيمة دوما تلتقي رغم أنف الرياضيات ، وأن الكرامة ليست دائرة ومربع لها محيط ومساحة وإنما سماء مفتوحة بلا حدود .
المعلمون أنتم أصحاب الرسالة الأسمى ، ورثة " إقرأ" ، من علّم الشهداء والعسكر أن قاتلوا للحق ودافعوا عنه، وأنّ الدّم والروح رخيصة دون الوطن وسياجه .. فالسلام على من علمونا كيف نقبض على القلم ونقبض على البندقية ، وأنّ القصائد أصدقها لا تُتلى في الصفوف في حصّة اللغة العربية ، وإنّما نتلوها حداءً فوق ظهور الدبابات ...
سيُقرع الجرس اليوم إيذانا بعام جديد وحصة جديدة ودرس جديد ، سنقول معكم وننادي أن المدراس هي حصن بلادنا الحصين ، أول السطور في دفتر الوطن ، وأول الثغور والخنادق فلا يؤيتيّن من قبلكم..
والسلام على وطن هو الأردن الذي يضمّنا بين ذراعيه ، نعود إليه ونعاتبه ونسامحه، ونغرف من دمعنا إن عطش يوما ، ونسقيه من دّمنا إن مسّه كائن من كان