أكبرُ الأبوابِ وأضخمُها تُفتح بمفاتيحها الخاصة بها، ولكلِّ بابِ مفتاحه الخاص به، وبواسطته يتم فتح الباب بسهولة ويسر. والحياةُ كذلك، فلها مفتاحٌ خاصٌ بها وهو متاح لكل من يريد أن يمتلكه، فالله لم يهبْ السعادةَ لإنسانٍ دون آخر، ولم يميّز بين أمة دون سواها، ولم يفاضل شخصاً على آخر، بل الجميعُ أمامه كأسنان المشط، وهو يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحقّ يقبلون.
ولكنَّ المشكةَ أنَّ كثيرين يريدون أن يدخلوا الحياة من غير بابها، ظنّناً منهم أن يقدرون التسلل إليها والنيل من نعيمها والتلذذ بخيراتها، من غيرِ عناءِ امتلاكِ المفتاحِ المناسبِ لفتحِ البابِ الذي يقود إليها. طبعاً هذا وَهْمٌ لأمثالِ هؤلاء لأنَّ مفتاحُ بابِ الحياةِ هو "مفتاح المحبة". وبهذا المفتاح نقدر فقط على الدخول إلى السعادة التي تمنحها لنا الحياة الدنيا في أوطاننا العزيزة التي مُنحت لنا وأُقيمت لخدمتنا ولطمأنيتنا وتقدمنا ورخائنا وسعادتنا، وكذلك الحياة الآخرة المرجوة بالإيمان برّب الحياة وواهبها للذين يملكون هذا المفتاح.
" ومفتاح المحبة" هذا هو المفتاح السحري الذي يُرينا الأمجاد الحقيقية، بشرط أن تكون محبتنا صادقة حقيقية أصيلة نبيلة عميقة لله أولاً وللقريب ثانيا. ومن هنا توصف هذه المحبة من كل القلب ومن كل النفس ومن كل القدرة ومن كل الفكر.
مجتمعنا ووطننا الأردني الكريم يتطلب منَّا مثلُ هذه المحبة الأصيلة ومحبَّةُ كلُّ إنسان فيه والتضامن معه والوقوف إلى جانبه لينال حقه من الكرامة الإنسانية والحياة الكريمة التي شرّعها الله. فنحن إذاً نعيش بعالمين كما شرح اللاهوتي الكبير القديس أوغسطين عندما تكلم أننا نعيش في مملكتين: مملكة السماء ومملكة الأرض؟ فحبنا للسماء لا يجب أن يقل عن حبنا للأرض، لكن ليس على حساب الواحد على الآخر، فكما نحب عالم السماء الذي نتطلع للوصول إليه، هكذا مملكتنا الأرضية، فواجب علينا أن نبنيها على أسس العدل والمساوة والحرية، وأن نقدم لها التضحية والبذل والفداء إن تطلب الأمر بالنفس أو بما نملك.
لذلك يستحق منا وطننا الأردن أن نعيش لأجله ولأجل تقدمه وازدهاره ورفعته وتقدمه، وعدم السماح لأي كان أن يتطاول على هيبة الدولة وسيادة القانون فيها، بشرط أن يطبق هذا القانون على الجميع بعدالة ومصداقية.
مفتاح الحياة ومفتاح السعادة بين أيدينا، فهل نفتح هذا الباب الذي لا غنى لنا عنه لنحيا بسعادة!