لقد تابعت لقاء جلالة القائد الاعلى مع مرتبات مديريتي الافتاء والتوجيه المعنوي في القوات المسلحة - الجيش العربي ، وهو لقاء هام وفريد يحمل الكثير من الرسائل والمضامين في ظل الظروف الراهنة ، والتحديات التي تواجهها المنطقة والتي تنعكس على الافراد والاسر والمجتمع ، وتؤثر في بنية الدولة ككل ، باعتبار المواطن هو الاساس وهو المحور الذي يتفاعل ويتعامل سلبا وايجابا مع هذه الظروف والمتغيرات بكل ما تحمله وما تشكله وما تفرزه .
وحسبي ان هذا اللقاء اثار لدي ثلاثية الاخلاق والثقة والمعنويات ، وما تحمله مضامينها وما تشتمل عليه من المعاني والابعاد والسلوكيات والقيم والنتائج ، نقول ان البعد الديني كان الركيزة الاساسية وقاعدته قول الحق سبحانه وهو يصف الرسول الكريم "وانك لعلى خلق عظيم " هذا الخلق الذي يشكل قاعدة الانطلاق في التعامل والصدق والامانة ، وتحمل المسؤولية والبر والاخلاص ونكران الذات ، والسعي نحو الخير والفضائل والتسامح والانعتاق من لغة الأنا والبعد عن الغش والخداع والخيانة والغدر والكذب والأنانية والظلم والتعدي على حقوق الآخرين ، ونبذ الافكار المتطرفة والوقوف في وجه كل اشكال الارهاب ، والاحتكام للعقل ولغة الحوار ، واعطاء كل ذي حق حقه ، واحترام إنسانية الانسان وكرامته دون النظر الى لونه ودينه وعرقه ، ليتوافق مسعاك مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه "ونتفق مع قوله عليه السلام "انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق "لأنها كانت موجوده وجاء النبي برسالته يعززها ويقويها ويصلح اعوجاجها ، وهو يخالق الناس بخلق حسن وهو رسول البشرية ، يحمل وحي الخالق للمخلوق ويبعث فينا دائما ان الخير في امتي حتى قيام الساعة لنقف
عند قول الشاعر
انما الامم الاخلاق ما بقيت
فان هموا ذهبت اخلاقهم ذهبوا
هذه الاساسيات التي يتلقاها الجنود خلال مسيرتهم في صفوف الجيش العربي ويتربون عليها في بيوتهم ، فتولد الثقة بكل جوانبها الثقة المطلقة بأن مدبر الكون خالقنا ورازقنا ومحيينا ومميتنا ويعلم مستقرنا ومستودعنا واجلنا وما في الارحام منزل الغيث وبيده علم الساعة هو الله جل شأنه وهذا يقودنا للثقة برسالتنا وهويتنا ودورنا ووطننا وبقائدنا ورائد مسيرتنا الذي يسعى بكل جهد لتوفير كل ما من شأنه ان يساعدنا على ظروف الحياه وينير لنا طريق المستقبل ، ليعزز ثقتنا بأنفسنا وجيشنا وتاريخه المعطر بدم الشهداء الذين كان اللقاء في ساحتهم التي تحمل اسماءهم في الصرح الذي يخلد ذكراهم ، لنقرأ المشهد بكل أبعاده ، فدم الشهداء عزيز وسيرتهم غاليه وتضحياتهم لا تقدر بثمن وعندما يكون اللقاء في حضرتهم وبين اسمائهم وقصص بطولاتهم التي تحاكي كل عائلة وشبر من ارض الوطن واهله ومواقع الشرف والبطولة ، ومعارك النصر والصبر والوقوف في وجه الارهاب في كل ميدان كان لهذا الجيش العربي دور فيه ، حربا او سلما فهو جيش الحرب مثلما هو جيش السلام والانسانية .
كل هذا الارث العظيم من اخلاق وثقة وادوار الشهداء وكبرياء الجندية ونواميسها ، وشرف رجالها وعزة نفوسهم ، رجال المنية لا الدنية ، تتسامى المعنويات ويصغر كل شيء مقابل الوطن ، امنه واستقراره وراحة وطمأنينة اهله ، وهذا هو الدواء الناجع لخفافيش الظلام والمهرجون والمشككون ، وبلسم الشفاء للخيرين الذين يشكرون الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى .