إن تقييماً شفافاً للقرارات والمشاريع والاستراتيجيات التي تتخذها الحكومة وبتنا نراها تباعاً خاصة في ظل جائحة كورونا توضح ان الحكومة التي اصبح رحيلها قاب قوسين أو ادنى، تتمترس خلف قانون الدفاع في كل شاردة وواردة،لتفعل وتقرر وتسمح وتمنع ما تشاء دون مساءلة، وان غالبية مشاريعها وقراراتها لم تغن ولم تسمن من جوع. وقد يتساءل سائل لماذا هذا الاتهام ؟ والجواب ببساطة إن الاوضاع الاقتصادية والبطالة والفقر قاربت على عدم الاحتمال بعد ان ازدادت سوءاً حتى أنها لم تبق على حالها السابق بعد ان اتسع الخرق على الراقع في ظل الجائحة، والمتابع المحايد يجد ان الكثير من قرارات الحكومة لم ترتق إلى مستوى الرؤية والتوجيهات الملكية في كثير من الاحيان، وجلالة الملك دائم الحث والتوجيه والتأكيد على العمل لتطوير آليات تنفيذية تتواءم مع طبيعة الظروف الاستثنائية، وتعالج المرحلة التي نعيشها، وتواجه الواقع باجراءات فاعلة، ويد الملك لا تصفق لوحدها إن لم يجد من يتفهم توجيهاته ويسارع للاستجابة لها وتنفيذها بدقة وسرعة واتقان، ومن الصعب الوصول إلى النتيجة التي يريدها الملك بغير ذلك، فالجهد الحكومي مازال دون المستوى المطلوب حتى وإن روج له الاعلام وما نلاحظه أقرب لوهم ايجابي يردده الاعلام، وما يتم تناقله من تصريحات وتعليقات واشادات واطراء من البعض قد لاتعدو عن مجاملات عندهم او ان تبقى تحليلات وتوقعات عند اخرين لاتوصلنا في النهاية إلى أرقام و وقائع حقيقية تنقلنا إلى المراد.
والمتابع لشأنئنا المحلي يجد ان المواطن الاردني مايزال حقلاً وساحة تجارب حكومية لبعض السياسات العقيمة، فما بين اتخاذ قرارات واقرار مشاريع وسن قوانين واوامر دفاع جديدة تتماشى مع ضرورة الحياة الى سابقتها ومابين ما تتخذه الحكومة من تعديل وتغيير في هذه القرارات والاجراءات والغاء واستبدال يبقى ظهر المواطن ينوء باحمال ثقال، وهو يواجه خسائر مادية تتوالى ليحصد تأثيراتها المادية والنفسية، خاصة ونحن نرى الحكومات قد استهدفت جيب المواطن واستنزفت دخله، مما اثر على مستوى حياته، وتأمين احتياجاته، ليترك فريسة الهموم واثقال الديون، وفشل مشاريعه الاقتصادية، وتآكل دخله وانعدام قدرته على رسم خارطة طريق علًّه يخرج من ضائقته إلى مستقبل أفضل يعيشه، ويؤمّن من خلاله متطلبات حياة اسرته.
لقد عانى المواطن ما عانى نتيجة جائحة كورونا والاجراءات الحكومية تحت بنود ومواد واحكام اوامر الدفاع فخسر وظيفته واستغني عن خدماته التشغيلية،وعاش التعطيل والبطالة والفقر، فأغلق متجره وعرضه للبيع دون خلو لأنه عجز عن ايجاره ودفع المستحقات المترتبة عليه من سداد للضرائب والرسوم أو دفع اجور العاملين لديه إلى جانب مصائب الاغلاق والحظر الشامل والعزل ومنع التجوال، فتضاءلت فرص العمل المتاحة وخُفضت الرواتب،وانخفضت الصادرات وتراجعت الايرادات، والاسواق والقدرات الشرائية ، وارتفعت المديونية مما عكس موتاً اقتصادياً بطيئاً وخلق ظروفاً اجتماعية وصحية غير مرضية، واصبح الحال يُغني عن السؤال ، وصار اللسان يردد صبح مساء لله نشكو وبه المستعان. والحكومة ترخي كل يوم بتة من حبل اجراءاتها مما ساعد على انعدام السيطرة على الوباء فصار المر مرين ولم يعد قول كل مر سيمر يجدي نفعاً.
وبرغم كل هذا فنحن لانمارس جلداً للذات، وجلد حكومة الوطن التي باتت على وشك الرحيل متنكرين للجهود الوطنية التي بذلتها، فهناك انجازات نقدرها ونحترم من يقف وراءها، ولا ننكر كل جهدمثمر بذل وظهر أُكله، فهناك نجاحات تُرفع لها القبعات لكننا نقول إن هناك قدرات وامكانات في الدولة الأردنية يجب ويمكن استغلالها استغلالاً أمثل و تسخيرها لخير الوطن والمواطن، ولسنابصدد تعدادها أو الاشارة إليها والاشادة بها. لكننا بحاجة إلى ترجمة رؤى تسعفنا لتحسين احوالنا، ولتنقلنا مما نحن فيه ، فالغيرة والحرص على الوطن والرغبة في معالجة الاحوال يأخذنا للحديث عن همومنا الوطنية والخروج من عنق الزجاجة إلى فضاءات عمل وطني مخلص جاد ودؤوب تنعكس آثاره الايجابية على الوطن و المواطن، والتقليل من الآثار السيئةالسلبية عليهما قدر الإمكان لازيادة الطين بِلة.
ولابدمن الاشارة إلى أننالا نغمض أعيننا عن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة وفريق ادارة الازمة والقوات المسلحة / الجيش العربي والاجهزة الامنية والجيش الابيض في بداية انتشار فيروس كورونا والتي قوبلت بالرضا والشكرمن جميع الاردنيين ومن العالم اجمع. اذ شعرت بالمتأثرين من اجراءتها اقتصادياً فبادرت يومها مشكورة بالمعالجة شيئاً فشيئاً، لكننا وصلنا اليوم إلى اجراءات وظروف جديدة تستدعي ان نطالب بمساعدة الناس وتخليصهم من مشاعر اليأس والاحباط والارتقاء بحال و عيشة المواطن في ظل هذا الظرف الاستثنائي والتخفيف ما أمكن من معاناته ومكابدته وايجاد السبل الكفيلة باليسر لا العسر ، وترتيب الاولويات ومواجهة الواقع والتحدي بأقل ما يمكن من الخسائر.