الدكتور عديل الشرمان
بهذه الكلمات ختم جلالته كتاب التكليف موجها دولة الرئيس بسداد الرأي في اختيار الموثوق بأمانتهم وكفاءتهم وقدرتهم على حمل المسؤولية، إنها أمانة عبئها ثقيل حملها جلالته للرئيس المكلف بحكمة وحنكة بالغتين تحاكي متطلبات المرحلة وضروراتها وتضع الكرة في مرمى الحكومة بكل احتراف، وقبلها الرئيس لأنه إنسان، وهو يدعو الله أن لا يكون لنفسه ظلوما جهولا.
نسأل أن يسدد رمية وأن يصيب الموثوق بهم، الموثوقة أمانتهم، وكفاءتهم وقدرتهم على حمل المسؤولية، البعيدين كل البعد عن الشبهات، والذين لم تتلوث أياديهم بغمسة من فساد أو ظلم للعباد، ومن غير الظانين بالله ظن السوء.
كلمات قليلة ختم بها جلالته حفظه الله لخصت الحال وفيها خلاصنا من المحال، وربما تكفي هذه الكلمات في اختصار صفحات من واقع عانينا منه كثيرا، وتجرعنا مرارته في كل مرة تتشكل فيها حكومة جديدة، عشر كلمات فقط اختزلت كل منها كتابا في مدلولاته ومعانيه، ووضعت الرئيس الجديد أمام تحد كبير، فإما أن يضعها نصب عينيه ويعمل بها وإما أن يرد مدحورا مذموما لا قدر الله.
وأدعو الله أن لا تأخذ الرئيس في الحق لومة لائم، وأن لا يخشى إلا الله فيمن يضع ثقته، فالأردن فيها ممن هم أهل لذلك، وفيها من أهل العزم الكثير، ونأمل أن يفعلها وكلنا ثقة بقدرته على ذلك، وأن يأتي بحكومة جديدة تعمل لوجه الله وتتقيه سبحانه قولا وفعلا، ومن ثم تضع مصالح الوطن والمواطن فوق كل اعتبار، لتخرج ويخرج معها وهو مرتاح الضمير، وقد ادى حق الله كما يجب.
نعلم أن الظرف استثنائي وصعب وسحيق، والجرح عميق، والمواطن بات بين الزفير والشهيق، يبتلع من الشدة الريق، لكن معدنه أصيل، يكظم غيضه، ويستر عيبه، ويعفو عن من ظلمه، ويرضى بما يسد رمقه في سبيل أن يبقى الوطن عزيزا شامخا، وهو بهذه الصفات يستحق الكثير مما ورد في كتاب التكليف من توجيه.
ولعل غدا لناظره قريب لنرى كيف يترجم الرئيس الجديد ما حمله كتاب التكليف، وفيما إذا كان بمقدوره أن يجعل من المواطن السند للحكومة والرديف.