عندما أعود بذاكرتي للوراء يقفز إلى مخيلتي فترة مهمة في حياتي تعد من العلامات الفارقة التي تركت في داخلي أثراً كبيرً لا يمكن يمحى ، واستطاعت أن تشكل جزءاً كبيراً من وجداني ، وهنا أتحدث عن تجربتي كطالب في إحدى الجامعات الاردنية ، ذلك المكان الذي لمست فيه عن قرب مدى المحبة والمودة والدفء الذي يجمع بين أبناء هذا الوطن ذلك النسيج الواحد المتماسك الذي يصعب تفرقته أو تقسيمه فلن أنسى صورة دكتور القانون وهو يشرح لنا حب القانون والنظام للحفاظ على الوطن وحبه ولا انسى دكتور الشريعة وهو ينشد لنا بصوت عذب رخيم أنشودة "طلع البدر علينا .. من ثنيات الوداع".
تعلمت من معلمي الذين أدين لهم بكل الفضل ، المعنى الحقيقي للانتماء للوطن ، وأن الاختلافات التي بين بني البشر ، لا يمكن أن تكون أبداً سبباً للتفرقة ولكنها وسيلة مبدعة ربانية لتمييزنا عن الآخرين ودليل على مدى القدرة الإلهية في خلق وصنع التنوع والاختلاف في كل شيء ، وأننا كاردنيين كنا من أوائل الشعوب التي أدركت هذه الحقيقة منذ آلاف السنين .
وكلما كانت تمر السنوات وأنظر لما يحدث حولنا عن قرب في أوضاع الدول المختلفة والتعرف على الواقع والظروف والصراع الدائر داخل عدد من هذه الدول ، لاختلاف في عقيدة أو فكر أو أيديولوجية ، أشعر بفخر واعتزاز بالانتماء لهذا الوطن ، وأدرك مدى حقيقة قول الرسول "ص" ، إننا في رباط إلى يوم الدين ، وأن التسامح والمحبة هما سمة شعب الاردن، ذلك الوطن الساكن في قلوبنا ، الضارب بجذوره في أعماقنا ، النابض فينا ، أو كما سمعت من إحدى واعظي وزارة الأوقاف يوماً "تعرف ماذا يعني وطن يسكنك .. يعني رح تجد نفسك تتألم لألمه .. وتجد نفسك تفرح لفرحه .. كل شيء فيه يقول لك أنت غصب عنك .. ترابك مني" .