اظن ان الدعوات الشعبية الغاضبة التي أعقبت جريمة الزرقاء لاطلاق يد الشرطة وتضخيم دورهم لضبط عتاة المجرمين ليست حلا للمشكلة.
ايام وتتلاشى قشره الانفعالات والمشاعر المباركة التي تكسو عموم المزاج الوطني، وستختفي طائفة المنتظرين، وكل الاجتهادات الواسعة، والأفكار العاطفية المتفرعة دون أن تتمكن من أن تفعل شيئا ولا يمكن لها أن تدوم، وستبقى المعضلة الأساسية على متانتها وصلابتها وبكامل مكوناتها الأساسية الخبيثة.
صحيح أن ما حدث أصاب الأمن بضربة شديدة، لكن لا يمكن اختزال الموقف الأمني بهذه الجريمة المروعة، والمؤسسة الامنيه تعمل وفق استراتيجيات وخطط متينة استقرت على اساسها حالة الطمأنينة المشهودة، وكانت محلا للاشاده والثناء وهي تتفاعل مع الأحداث الجنائية في حدود القانون ومباديء وحقوق الانسان وفق أساليب رصينة رزينة، وأنشطة عقلانية فاعلة بعيدا عن التوتر والاضطراب وتسعى دوما لإعادة ضبط الأمن ضبط عقارب الساعه.
رب ضارة نافعة، وردود الفعل الارتجالية المتسرعة تجعل القرارات اقرب إلى الخطأ، وقد تكون مناسبة وقوع الجريمة فرصة لتحويل التحديات إلى فرص، ونقطة البدايه لهندسة برنامج وطني قائم على دراسة علمية ميدانية تشاركية، باستخدام كل وسائل البحث العلمي للتوصل إلى نتائج وتوصيات متزنة قابلة للتنفيذ، لوضع حد للحالات الجرمية الشبيهه، وكف يد عتاه المجرمين عن ترويع المجتمع، فدوائر مكافحة الجريمة لا تتمكن لوحدها من تحمل أثقال افراز تعقيدات الحياة الاجتماعية وامراضها السلوكية الفتاكة دون مشاركة وطنية شاملة.
تنفيذ الجريمة على هذه الدرجة من البشاعة المتناهية والوحشية،وتقطيع يدي الضحيه وفقيء عينيه ما هي إلا عرض لمرض يفرض وجوده بيننا، وعلينا الاعتراف بهذه الحقيقة أولا لنتكمن من البحث عن حل جذري يمكث في الأرض وينفع الناس.