أما وقد ترأستم دولتكم الحكومة في هذه الظروف الاستثنائية، فقد صار المتوقع منكم أن تؤدون أداءً استثنائياً، سيعينكم عليه أنكم ابن البيئة الأردنية وتجربتها، المطل على تطلعات أهلها، وقبل ذلك على أوجاعها.
وعند البيئة لابد من وقفة طويلة يا دولة الرئيس، لنقول أن بيئتنا الأردنية تعرضت لعملية تخريب، عندما اخرجها البعض عن مسار تطورهاالطبيعي،وفرض عليها نماذج مستوردة، إن في السياسة أو الإقتصاد، وحتى في الإعلام، وقد نسيى هؤلاء إن مايصلح في السويد ليس بالضرورة صالح للأردن. لذلك كان الحصاد هشيما.
وكذلك عند الأوجاع لابد من وقفة نقول فيها لدولتكم: أنه حتى نخرج مما نحن فيه من ظروف استثنائية، فإنه لابد من حكومة تعمل وتواجه المشكلات لحلها،حتى لو اضطرها ذلك إلى إجراءات مؤلمة سيتقبلها الأردنيون، إن أحسنت الحكومةالحديث معهم بلغتهم وبمفرادتهم، ثم عملت على استنهاض هممهم وشد عصبهم الوطني، فقد مل الأردنيون من الحكومات التي تكثر من الأقوال وتقلل من الإنجازات ، ومن الحكومات التي تمضي أوقاتها بالبحث عن أعذار لتبرير فشلها، آخر ذلك التذرع بجائحة كورونا التي اجتاحت العالم كله، لكننا لم نجد في العالم حكومة تتحدث عن كورونا أكثر من حكومتنا، فالأردنيون الذين تزوغ أبصارهم وهم ينظرون إلى شاشاتهم الوطنية، وتصم آذانهم وهم يستمعون إلى الإذاعات التي تتوالد في بلدهم توالداً سرطانياً، والذين كلت عيونهم وهم يقرؤون في إعلامهم الورقي والإلكتروني، فلا يجدون في ذلك كله أكثر من الحديث عن كورونا، فإذا أنتقلوا إلى الشاشات والإذاعات والصحف غير الأردنية لا يجدون فيها إلا النزر اليسير عن كورونا، التي كانت مشجباً تعلق عليه الحكومة كل شيء، بما في ذلك فشلها في تحقيق الانسجام بين أعضاء فريقها الوزاري.
وإذا كانت الحكومة السابقة أمضت قسطاً وافراً من عمرها تتذرع بكورونا، فإن حكومات سبقتها لم تعدم المبررات لعدم إنجازها، وأول ذلك الظروف الاستثنائية التي يمر بها بلدنا بسبب تقلبات الإقليم، فمتى كان الأردن لا يتأثر بالظروف الإقليمية التي لم تستقر يوماً منذ عقود، بل لقد كنا نفاخر بالأمن والأمان وسط محيط تأكله القلاقل والاضطرابات، ونفاخر بأننا نتحاور عبر صناديق الاقتراع بينما غيرنا يتحاور بالرصاص، حتى أضلنا زمن حكومات تنشغل بالبحث عن أعذار لتبرير فشلها، بدلاً من الإنشغال بالإنجاز، فتارة تعتذر هذه الحكومات بموجات اللجوء، وكأن هذه الموجات طارئة ولم تلازمنا منذ نشوء الدولة، ومع ذلك كنا نهضمها ونحولها إلى أسباب قوة ومنعة، وأخرى تتذرع بتطورات قضية فلسطين، ناسية أو متناسية أن الدولة الأردنية وقضية فلسطين ولدتا من نفس المعاناة، وتلازمتا تلازماً لا انفكاك منه، ومع ذلك فقد حققت الدولة الأردنية كل خططها التنموية، وبنت بنيتها التحتية في ظل التعايش مع قضية فلسطين، ذلك أنه كانت لدينا حكومات قوية تقبل التحدي، وتقبل على الإنجاز، ولا تمضي وقتها بالبحث عن أعذار لتبرير فشلها، لذلك فإن الأردنيون يحنون إلى أيام الحكومات القوية، فاعمل على أن تكون حكومتكم من هذه الحكومات، التي تعيد الأردنيين إلى حضنها،وإلى الأيام الخوالي من تاريخ دولتهم، وسيعينكم على ذلك سيرتكم الشخصية وتاريخ أسرتكم وعشيرتكم، وقبل ذلك ثقة قائد الوطن.