د. عدنان بدران هي "تأثيث الذاكرة الوطنية"، وإبقائها حية.
سميرالحباشنة " تحث القارئ على أن يمزج بداخله بين دفء المكان العماني والحنين إلى ماض ليس ببعيد.
حمادة فراعنة: الموسوعة خلاصة تحليلية عن عمان ما بين الأمس واليوم.
ياسر العبادي.
في عدة هيئات ثقافية قام الباحث والمؤرخ الثقافي عمر العرموطي بإشهار لموسوعته عمان ايام زمان جاء ذلك بمناسبة الاحتفال بمئوية المملكة مرور 100 عام على تأسيس الدولة الاردنية الحديثة، وتعتبر هذه الموسوعة انجاز أردني وعربي، فلأول مرة في تاريخ الوطن العربي يتم اعداد وتأليف موسوعة عن عاصمة عربية بهذا الكم الغزير من المعلومات، وقد استغرق العمل بهذه الموسوعة حوالي 12 عاما، تحدث فيها عن عمان الماضي وحياة العمانيين فيها، وعن التوسع غير المتوقع في مساحتها وعدد السكان.
من جهته، وصف الوزير الأسبق سميرالحباشنة الموسوعة بأنها تحث القارئ على أن يمزج بداخله بين دفء المكان العماني والحنين إلى ماض ليس ببعيد، بمحطاته ووقائعه، الجميلة والمفرحة، مثل يوم تعريب قيادة الجيش، أو معركة الكرامة الخالدة، ورأى أن عمان تماهت فيها الروح الأردنية التي تاقت إلى الوحدة، وسعت إلى فلسطين، ليس لأن قضية فلسطين هي القضية المركزية الأولى للعرب، بل لأن قضية فلسطين هي قضية أردنية داخلية، مؤكدا على أن الأولوية المطروحة على جيلنا اليوم هي تعزيز وحدة الأردنيين، وترميم تصدعات يسعى شذاذُ الآفاق والجهلة إلى إحداثها في الجسم الأردني العربي الموحدة، بغرض إضعاف هذا الجسم.
قال العرموطي: الفرق بين الكتب التي تم تأليفها عن عمان بالمقارنة مع موسوعة عمان أيام زمان هو أن الكتب التي تم تأليفها عن عمان تمثل وجهة نظر المؤلف اي وجهة نظر واحدة ، بينما الموسوعة فقد شارك فيها كل الطيف وكل الفسيفساء العماني ويقدر عددهم بنحو 250 مشارك ومشاركة، وهذا يعطي الموسوعة مصداقية أكثروتوسع فيها في الحديث عن اسماء عمان القديمة وعن مدارسها واسواقها وعن الحياة الاجتماعية والثقافية التي كانت تزخر بها، كما تحدث عن السلوكيات العامة في الماضي والحاضر، وعن المأكولولات التراثية وعن اللباس الفلكلوري الذي كان يميز أهالي عمان في الماضي، والمعروف عن العرموطي إنحيازه إلى تحديد تعريف من هو العماني وهو كل من ولد وعاش وأحب وإنتمى لعمان بعيدا عن التصنيفات الاخرى الضيقة.
وكان العرموطي قد قدم نسخة من موسوعة عمان أيام زمان السابقة إلى سمو الأميرة وجدان الهاشمي رئيسة المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة والتي تتألف من – 8 أجزاء وحوالي 4000 صفحة، وجدير بالذكر أن والد سمو الأميرة وجدان المرحوم "الشريف المهندس فوّاز آل مهنّا"، ذكر بأنه أشرف على تطوير وتوسيع مركز مدينة عمان عام 1948م.. ... وهو صاحب أول مكتب هندسي في عمان منذ بداية العام 1937م... وكان له دور كبير في تخطيط العاصمة عمان بالفترة ما بين عام 1933م-1953م، وهو أول مهندس يتم تعيينه في بلدية عمان، ولقد أُقيم معرض لأعمال المعماري الشريف فوّاز آل مهنّا في قاعة المدينة عام 2002 كأحد أبرز فعاليات "عمان عاصمة للثقافة العربية"، وأُعيد افتتاحه في الجامعة الأردنية ثم في جامعة العلوم والتكنولوجيا في العام التالي.
وقال حمادة فراعنة في مقال كتبه يحمل عنوان "رؤية": أن الكاتب أنجز عن حبيبتنا عمان، بمجلد حوى 750 صفحة ضمت محطات هامة لتاريخ مدينة عمان، وصور وأسماء رؤساء بلدية عمان منذ تأسيسها 1909، امناء العاصمة، أمناء عمان الكبرى، صور وأسماء محافظي العاصمة، صور وأسماء مدراء شرطة العاصمة، صور وأسماء رؤساء غرفة صناعة عمان، صور وأسماء رؤساء غرفة تجارة عمان، صور قديمة تؤرخ لعمان وأبرز معالمها التاريخية والواقعية، لقاءات مباشرة مع شخصيات عمانية تركت بصماتها على مظاهر عمان وتقدمها وروحها المميزة.
وذكر فراعنه بأن كتاب موسوعة عمان، لم يقتصر على كبار الشخصيات أو الأثرياء، أو الأحياء الراقية، بل شمل حارة النبر في الأشرفية، شارع الرينبو، أدراج عمان القديمة ومنهم مليون درجة تحكي ذكريات الناس عن مدينة تتسم بالأدراج تسهيلاً لحركة المواطنين في مدينة الجبال ووصولهم إلى قاع المدينة، عن مقهى زهران، بيوت عمان التراثية، قصر البلبيسي، فقدان وسط البلد لأشهر مشرديه وأبرزهم نابليون، عن مثقفين وعباقرة فقدوا عقولهم، عن عبدالفتاح ملحس أول من بنى بيتاً على جبل عمان، أول من أدخل سيارة الدودج، عن سنوات الثلجة والهزة وغزو الجراد، عن الصالونات الثقافية، والخلاصة تحليلية عن عمان ما بين الأمس واليوم.
كما أشار إلى التطرق لمسألة "الأحزاب السياسية"، إذ يقول تناول الكتاب تأسيس حزب الشعب 1927، حزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني 1929، جماعة الإخوان المسلمين 1945، الحزب الشيوعي 1951، حزب التحرير 1952، الحزب الوطني الاشتراكي الذي شكل حكومة النابلسي الحزبية البرلمانية الفريدة، حزب البعث العربي الاشتراكي 1954، إضافة إلى تواريخ قيام المستشفيات، المدارس، النقابات، النوادي، المطاعم، والهجرات الشركسية، الأرمنية، الفلسطينية، العراقية، السورية وغيرها وتأثيرها على سكان عمان وديمغرافيتها حتى تكونت وسجلت أنها مدينة كافة الأصول والمنابت، وأخيراً عن أهم الكوارث الطبيعية، وآخرها كارثة الكورونا العالمية العابرة للحدود وما أفرزته من حظر وتباعد اجتماعي وتداعيات اقتصادية مدمرة.
يذكر أنه كان قد تحدث عن الذكريات العمانية في موسوعة عمان أيام زمان في نسختها السابقة، في نيسان من عام 2013، حيث رعى آنذاك سمو الأمير الحسن بن طلال، في المركز الثقافي الملكي، إشهارهذه السنخة، والتي تقع في أربعة أجزاء، وتتضمن 2200 صفحة من القطع المتوسط، حيث زين الكاتب غلاف موسوعته بأربعِ وعشرين صورة لأهم رجالات الأردن وعمان أيام زمان وعلى رأسهم جلالة الملك عبدالله الأول، هذه الأحيرة التي وصفها د. عدنان بدران بأنها "تأثيث الذاكرة الوطنية"، وإبقائها حية، من خلال التوثيق الجاد والعلمي لمسيرة الأردن، وإلقاء الضوء على دور مجموعة كبيرة من الرواد، ممن أسهموا مخلصين في بناء الأردن الحديث، وهو التوثيق الذي لم يكتف فيه العرموطي بالمتاح من المصادر المألوفة بل مضى يبحث من خلال المصادر الحية، والنهج العلمي الذي التزم به.
ورأى بدران أن المؤلف قدم الأردن كثمرة لمشروع عربي، ونهضوي، تعاقب على حمل رايته قيادات من الهاشميين، مؤكدا على أن العرموطي وفق في الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وهو يرصد المكان وسيرته، وما شهده من تحولات ضخمة على شتى الصعد، مؤكدا على أن عمان رغم الإمعان في تحديث وجه الحياة فيها، إلا أنها ظلت محتفظة بملامحها التراثية الأصيلة، ولم يقلل من أصالتها ما شاب المدينة من نمو ديمغرافي وجغرافي فاق التصور.