تحتفل المملكة الأردنية الهاشمية بمئوية تأسيس الدولة، و هي مناسبة نتوقف من خلالها مع حجم الانجاز الذي تحقق في وطننا الغالي على يد الهاشميين الذين نذروا أنفسهم للأردن، فكانوا رمزاً للاستقلال وعنواناً للعزة والسيادة، وعند الحديث عن السيادة نتحدث عن أحد أهم أعمدتها وهو الجيش العربي الباسل قرة عين قائده الأعلى و السياج المنيع الذي يحمي الدولة ويذود عن منجزاتها و يصون مكتسباتها، ولا أجافي الحقيقة إن قلت أن الجيش هو المؤسسة التي انبثقت عنها مؤسسات ودوائر الدولة المختلفة، حيث كان الجيش نواة الدولة والعمود الفقري التى ارتكزت واعتمدت عليه ليشتد عودها وتقوى وتكبر.
ونستذكر في هذه المناسبة الغالية الملك المؤسس الشهيد عبدالله بن الحسين الذي استطاع بحنكته وقدرته وبما تحلى به من ذكاء، أن يؤسس دولة أردنية قوية الأركان، وقد أجمع المؤرخون والمحللون اليوم وبعد مضي تسعة وستين عاماً على استشهاد الملك المؤسس، بأنه كان يستشرف المستقبل في تفكيره وتحليله لطبيعة الظروف والأحداث التي كانت سائدةً في ذلك الوقت، حيث كان، رحمه الله رجل دولةٍ بكل ما تعنيه هذه الكلمة من أبعاد ودلالات ومعان، فهو الذي استطاع بناءَ دولةٍ ذات سيادة رغم صعوبة الظروف وحساسيتها من كل الجوانب، فكان استقطابه لرجال الفكر والأدب والصحافة ولكل مبدعٍ في هذه البلاد, فانبرى يفاوض ويحاجج بكل ما أوتي من حكمة وحنكة وقدرة حتى ضمن لنا دولة أردنية حرة مستقلة.
أُسس الجيش العربي على مبادئ النهضة العربية وحمل أهدافها وغاياتها وكان هذا الجيش منذ نشأته الأولى حريصاً على المساهمة الفاعلة في بناء الدولة الأردنية وتعزيز قدراتها الذاتية حيث شارك في بناء مؤسسات الدولة في مجالات التعليم والصحة وتعزيز آفاق التعاون والعلاقات الاجتماعية وبناء قدرات الإنسان وتأهيله، وبناء الشخصية الوطنية الأردنية التي تنامت قدراتها ومعارفها مع تطور الأردن ليتميز هذا الإنسان بقدراته وعطائه وولائه وإخلاصه لوطنه وأمته.
واليوم ونحن نقترب من الاحتفال بمئوية الدولة الأردنية نعلم علم اليقين أن بناء الدولة وأهدافها السامية يرتبط بما يمثله من إنجازات ومكتسبات على الساحتين الداخلية والخارجية، ويتسامى هذا المعنى كلما أصبح إرثاً لا يمكن التنازل أو الاستغناء عنه، وفي ظله تتجسد معاني الحرية والعطاء والسيادة، و يبقى الجيش العربي الأقرب إلى نبض الوطن والقائد يقدم في سبيل أمن الوطن واستقراره وكرامة أهله قوافل الشهداء الذين تزيّن أرواحهم ودماؤهم سماء وأرض الوطن عبر التاريخ الحافل بالمجد والحرية، وفي هذه المناسبة الغالية نترحم على بناة الوطن الذين ارتقوا في سبيل حمايته وسؤدده، ونشد أزر المخلصين للعمل على تقديم كل الإمكانات واستثمار الجهود ليبقى الوطن قويًا منيعاً بهمة أبناءه، ونقدم الشكر والامتنان للمتقاعدين والمحاربين القدامى ونقول لهم شكرا لخدمتكم المخلصة.
* مدير التوجيه المعنوي / الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة سابقا.