"اقولها وبدون مقدمات وبدون محسنات لغوية وتجميلية.. نحن نباهي العالم في غزارة اعداد الخريجين الجامعيين.. ولكن.. هناك سوء واضح في توجيههم على التخصصات المطلوبة.."
سائني ما اشاهده كل فترة على المواقع الاخبارية ومواقع التواصل الاجتماعية عن تزايد اعداد العاطلين عن العمل..
وفي ذات الوقت اشاهد واسمع عن حاجة مُلحة في السوق المحليه والخارجية لمجالات مختلفة من الموظفين..
فمثلا عندما نبحث عن طبيب اردني للمعالجة النفسية للمراهقين.. ولا نجد الا عددا يقل عن عدد اصابع اليد الواحدة.. في الوقت الذي نرى تكدسا في اعداد خريجي الطب من تخصصات اخرى..
في الآونة الأخيرة وجراء جائحة كورونا وما تبعها من حظر للتجول واقامة جبرية في المنازل.. واستخدام مكثف ولأوقات طويلة لاجهزة المحمول.. وما يصاحبها من توترات وتأثيرات نفسية على هذا الجيل..
واذا ما اضفنا الى هذا الوضع ما نشاهده من حالات الانتحار والهروب من المنازل والتنمر والتحرش..
نجد ان الحاجة اصبحت ملحة لاطباء متخصصين في المعالجة النفسية لفئة الشباب..
وليست الهندسات بأحسن حال.. ففي الوقت الذي تئن فيه نقابات المهندسين من الحمل الواقع على كاهلها بمحاولة ايجاد فرص عمل للمهندسين في جميع التخصصات.. نجد الحاجة الماسة لتخصصات هندسية غير متوفرة.. ولا يوجد لها اقسام في جامعاتنا لتدريسها..
فالهندسة التقليدية لميكانيك السيارات مثلا.. تجد ان الطلب في الخارج على عشرة تخصصات تحت هذا النوع من الهندسة.. ويكاد ذكر الهندسة التقليدية لميكانيك السيارات ينعدم..
وعندما تبحث عن مهندس اتصالات عبر الاقمار الاصطناعية والتي سيدين لها مستقبل الاتصالات.. لا تجد الا مهندسين اتصالات.. والذين هم بمثابة مشغلين في عالم الاتصالات الفضائية..
من هذه الامثلة وغيرها الكثير.. ومن خلال استشراف المستقبل القريب وليس البعيد عن طبيعة الوظائف والتخصصات المستقبلية والتي ستكون هي البديل عن الكثير من التخصصات التي اعتدنا ان نسمعها ونوجه طلابنا لها..
نجد لزاما على صاحب القرار في الدولة ان يسابق الزمن ليمسك وبقوة دفة توجيه الطلاب لدراسة التخصصات المستقبلية.. وهنا اطلبها علانية بأن يتم اغلاق الكثير من التخصصات التي اصبحت بحكم الواقع مصدرا اساسيا لزيادة نسب البطالة..
واستحداث تخصصات هي اساس التشغيل لمهن المستقبل..
فالطاقة البديلة.. وعلوم الاوبئة.. والذكاء الاصطناعي.. ومكافحة الجفاف والتصحر.. ومحامي للواقع الافتراضي.. وطبيب نفسي للاطفال الاذكياء.. وباحث خلايا جذعية.. واخصائي حفظ حيوي بالتجميد.. ومحلل شبكات اجتماعية.. والتسويق في الواقع الافتراضي.. والجراحة عن بعد.. ومستشار امن معلومات.. واختصاصي اخلاقيات علوم جديدة.. ومعالج بيانات مهجرة.. ومستشار حماية خصوصية.. ومعالج ادمان برامج التواصل الاجتماعية.. فهذه عبارة عن عينة بسيطة جدا للوظائف المستقبلية والتي تحتاج الى تأهيل مسبق..
وهنا سأدق ناقوس الخطر لعلنا نُسَرِع خطواتنا في توجيه شبابنا لدراسة هذه التخصصات.. وابعادهم او حتى منعهم من دراسة التخصصات التقليدية والتي لن تساهم برفع شيء سوى رفع معدلات البطالة..