يا وطني الرائع يا وطني… إنهم يفسدوك كل حين ويشوهون روعتك...!
كنا أجمل من هذا، قبل مجلس النواب والحياة البرلمانية التي أخذت الحرية وأبقت لنا البرلمان،
كنا نقول كل شيء… وكنا نعرف حدود القول… ونعرف دار ابو رسول… كانت التهم أيامها… تحريري… شيوعي… بعثي… سنسكريتي (كناية عن ما لا يصح قوله)…وغيره… وكنا نتكلم ونبوح بكل شيء دون هذا، ولا نخشى زائر ظلام، وكنا نتباهى بأن ليس في بلدنا إعدام سياسي… بالمختصر كان فضاء الحرية رحبا وصعباً..! ولكنك كنت فقط في مواجهة الحكومة، أما الآن ومع قانون الجرائم الإلكترونية العتيد فأنت في مواجهة مع كل من حولك، حيث أن الشعرة بين النقد المباح ومخاطبة السلطات حسب الدستور وحق التعبير، يتم نزعها حسب الزبون… ! ومن هنا صار الكاتب والصحفي والمواطن، يلف ويدور ويستخدم كل المحسنات اللغوية والإلتفافية لكي لا يقع في مطب تجريم قانوني… يتلوه إيقاف وبهدلة وحبس وجاهات وواسطات وسجل أمني ووضع على القائمة السوداء ، طبعاً أنا دائما مع الحرية المضبوطة دون التعدي على حقوق الآخرين.
أكتب وقد أضحكني واوجعني خبر وضع ألواح خشبية على شرفات مجلس النواب لحجب التصوير عن ما يكتبه النواب في سرهم… وماذا يكتبون… (عينلي ابني… ابعثلي تسالي… .ملوخية… فستق حلبي… مسجات حب وعشق وتزلف للوزير الفلاني… وغير ذلك)، وهنا أنصح الصحفيين بأستخدام طائرات (درون) لألتقاط أسرار النواب… ! إذا سمحت الرئاسة الجليلة بذلك..!
أنا لا أعرف أي عقلية تحكمنا وتسيرنا هذه الأيام، وأقصد عقليتنا وتفكيرنا، وليس من يحكمنا، الأصل أن النائب شخصية عامة، وأنه تحت القبة لا يسأل عن ما يقول، أو يكتب، هب أنه تسرب بالتصوير والفضول المهني الصحفي بعض القفشات أو المضحكات المبكيات..! ماذا سيحصل؟ ليس في الأمر أسرار دولة، دعونا كمواطنين نبحث عن قصاصات ورقكم وبوحكم، لأن ما ينشره الإعلام أصبح ممجوجاً، حفظناه عن ظهر قلب منذ سنين، ذات الكلام والمرافعات والوطنيات والعنتريات والتبريرات حكومة ونواباً، وفي النهاية تفوز الحكومة… وتصفيق.
أخرجونا من جديتنا يا رعاكم الله، دعونا نبتسم… نضحك ولو حزنا… أو تهكماً… !
تضييق مساحات الحرية ليس لمصلحة أحد، الحرية تصنع المعجزات وتصنع الأوطان، تعلموا من دول الحريات، كتم الأنفاس يعني أن هنالك خطأ هنا أو هناك، الفضاء الرحب من الحرية والمسؤولية يستوعبنا جميعاً، حكومةً ونواباً وشعباً، فقط جربونا باالله عليكم، سنكون عند حسن ظنكم، علمونا أن الوطن لنا جميعاً، وأننا ناضجون حد النقد، وان الحرية سقفها السماء… وأن عصر النت والتكنولوجيا، أقتحم خصوصياتنا، لعلمكم الألواح… والقوانين والممارسات التي تحد من الحريات ستحجب بعض ما تكتبون وتفعلون … لكنها أبداً لن تحجب حبنا لوطننا…وبحثنا عن الحقيقة من أجل أردننا الذي نحب، والذي تغنى به حبيب الزيودي ابن العالوك رحمه الله، بهذه القصيدة التي أُسقِطها على واقعنا وممارساتِنا…فقط استبدلوا العالوك بالأردن…ويوسف بنا… . ويختمها: من أول الدنيا… وهم يُلقون «يوسف» في ظلام الجبِّ… .يا اللّهُ… .كيف تركتهم يلقونه في الجبِّ كيفا:
لي في بداياتي كتاباتٌ
ومزّقها أبي لما رسبتُ
ولم تكنْ شعراً تماماً إنما دمعٌ مُقَفّى
في البدء… كنت أظنّ للأيام أعناقاً
فإنْ خانتْ أدرتُ الشعر في الأعناق سيفا
النثر مَنْفى والشعر محبوبي إذا جافيتُه دانى وشَفّا… .جرحي القديم وكلّما ضمّدتُه يزداد نزفا
في الثانويّة كانتِ العالوك أكثر خضرةً والناس أصفى… .في الثانويّة كان لي قلبٌ وأذكر أنّني
أعطيتُ شعر الزير من أوداجه نصفاً، وبنتَ الخال نِصفا
في الثانوية كان لي قلبٌ
فإن يممّتُ مدرسة البنات يزيدني ثقةً
قميصٌ برتقاليٌ وصيتٌ ذائعٌ في الشعرِ..
كان الوزن يُعيي كلّ أقراني ولكنّي نظمتُ قصائدي الأولى على البحر البسيط، حفظتُ شعر الزير والسبع الطوالَ
وكلّما طارحتُهم وهزمتُهم في الشعر لاذوا بالمعلِّم قائلينَ… بأنّني أمضيتُ أمسي عند مدرسة البناتِ
فلا تقيم الخيزرانة أيَّ وزن للقميصِ..
ولا تراعي ذمةً..
بقصائدي في الجيش، والبلد المجيد، وأمّ أوْفى
من أول الدنيا
وهم يُلقون «يوسف» في ظلام الجبِّ
يا اللّهُ… كيف تركتهم يلقونه في الجبِّ كيفا.
وأنا والكل نقول… لا تلقونا في ظلامة الجب بالله عليكم…ولي في شعر حيدر محمود؛ تسلق حجرا ترى الفضاء رحباً… ونحن ما زلنا نتسلق لوح خشب… لكي لا نرى شيئا ً… .حمى الله الأردن.