الدكتور عامر أحمد العورتاني ||أخصائي علم الاجتماع..
ها هو شباط يتثاءب بعد سُبات الشتاء الطويل ، متململاً من بين تراب الأرض ، ليقرع أجراس الفرح معلناً عودة الحياة ، وما بين بعض الدحنون هنا ، وبعض الأقحوان هناك ، يتجرأ اللوز مُزهراً ، ويداعب العشب الأخضر حبات الثرى ، فيوقظها على استحياء ، ليغسل وجه الأرض بقطر الندى ، وعلى وقع الندى في شباط ، يصبح المكان ساحراً ، ويتملك طلع السحر كلّ المكان ، فتهيم الألباب شوقاً لتلك الأنفاس بعد طول غياب ، وها هم أولئك الشعراء يحضرون في بلاط خرافي من وسط خيال الروايات ، فترى الواحد منهم يستلّ الكلمات من غمدها الرصين ، ويُلقي بها لؤلؤاً على مرمر الشِعر والخاطرة ، وبقدرة عجيبة ، تصطفّ الكلمات ، وتتشابك معانيها في حلقة راقصة ، سرعان ما يعلو الحماس فيها ، ليجد الحضور أنفسهم وقد هاموا طرباً في حضرة تلك اللآلئ المنتثرة ألِقة ، وكأنها تعويذة ألقاها أولئك الشعراء ، وهم ينثرون قصائدهم عبر الأثير بحثاً عن النهايات ، وكالجنيّات في الحكايات ، تُبحر الكلمات من بين شفاههم مشاكسة وهي تتهرب من بروتوكول السفر على موج البحر ، فبحور الشعر لم تكن يوماً غايتها ، فنبض القلب بداخلها يرنو إلى حيث الأفق ، و حيث تولد البدايات .
وعلى وقع الندى ، يستيقظ الجمال مرة أخرى ، متنبّهاً من أسر حزنه وسط تراكمات الخوف والقلق ، ليحيي في ذلك الإنسان بقيّة من روح الوجود ، وكان الوعد سيفاً قاطعاً في إصراره على الانتصار لكلّ معاني الإنسانية التي ذابت حُزناً ، وفرحاً ، وألماً ، وأملاً ، وهي تصارع من أجل البقاء ، فيعبر بها حدود الحرب والمرض ، ويُلقي بها على شواطئ الأمان ، مستفزاً أبعد ما يجول في خواطر البشر ، فيرسم بريشته لوحة سماوية ألوانها كلمات ، وأنغامها ندى يُطهّر القلوب .
قصيدة النثر وفن الخاطرة ، يجتمعان معاً " على وقع الندى " في مشهد إبداعي جديد ضمن مهرجان " لون ، كلمة ، نغم " السياحي ّ الدوليّ الذي يديره الأستاذ والشاعر فادي شاهين ، ليستكمل فعالياته في الواقع الافتراضي ؛ وذلك بمشاركة نخبة مميزة من الشعراء والكتّاب ، حيث تنطلق الفعالية عبر صفحة المهرجان يوم الجمعة 12/ 2 / 2021 .