بعد أزيد من عام على مقارعة كورونا، تواصل الإنسانية النبش في بطون الأبحاث عن مخرج آمن بعد أن ذاقت الأمرين في عام الأزمة الأول، ونواصل معهم البحث عن فكرة أردنية قابلة للتطبيق بعد أن أوصلنا الفايروس إلى حواف الانهيار.
أردنياً، كلما أغلقنا الملف أعدنا فتحه مرة تلو الأخرى، ولا شيء بيدينا سوى بضع جمل عن الكمامات، والتباعد، وسط حالة من الارتهان للآخر الغربي، وما يقول أو يقدم من خلاصة تجارب، تحسن من ظروف مواجهة الجائحة.
لست مختصاً، لكني طرف في أزمة لا أحد بمأمن من تداعيتها الكثيرة، وهو ما يجعلني أقدم تصوراً متكاملاً على طاولة المسؤولين في الحكومة، في محاولة لتقديم كل ما يمكن تقديمه من أفكار جديدة وقابلة للتطبيق في بيئات مغلقة.
الفكرة وفي حال وقعت بين يدي أهل الإدارة ستخلصنا جزئياً من كابوس كورونا بعد أن تمكنا تدريجيا من فك قيود الإغلاقات الكثيرة، فتعود الناس إلى ممارسة حياتها الطبيعية، وتجري الدماء في دورة حياتنا اليومية وشرايين الدولة الاقتصادية.
تقوم الفكرة على مجتمع الطلاب والمدرسين، بوصفهم مجتمع مغلق، وبنظرة شمولية على كافة القطاعات الاقتصادية نجد أن قطاع المدارس_ والذي يضم شريحة واسعة من الأردنيين_ هو أكثرها أهمية.
فالاطفال ناقلون جيدون للفايروس دون أن يؤثر عليهم، ودون أن تظهر عليهم عوارض المرض، ونراهم يتنقلون بين المدرسة والعائلة، يتدللون على الجدة ويستعطفون الأب ويقبلون الأم ويلاعبون الأخوة، يتحركون بحرية كاملة دون عوائق أو حواجز على الرغم من احتمالية ان يكونوا مصابين حاملين للفايروس، لكن مناعة اجسامهم القوية تعطيهم القوة والمنعة، لدرجة انهم لا يشعرون بأي من اعراض هذا الفايروس الشرس .
بوضوح أكثر سنقسم الفكرة إلى أجزاء ليسهل التعامل معها وتطبيقها.
اولاً: اختيار مدرستين؛ مدرسة حكومية وأخرى خاصة بالتنسيق الكامل مع وزارة الصحة ووزارة التربية ومنظمة الصحة العالمية.
ثانياً: إخضاع جميع العاملين ( الذين تنطبق عليهم شروط اخذ اللقاح) في كلتا المدرستين للفحص، ومن ثم إعطاء كل من في المدرستين اللقاح ضد الفايروس؛ الجرعة الأولى والثانية، ومن ثم يخضع منتسبو هاتين المدرستين لمدة زمنية محددة للمراقبة الدقيقة ( للحصول على معلومات دقيقة بعد رفع الإجراءات الاحترازية و التباعد الاجتماعي).
فإن وجدنا أن التلقيح أدى الى انعدام الاصابات داخل المدرستين نكون قد نجحنا في لجم هذا الفايروس، ووفرنا بيئة مغلقة مسيطر عليها، حيث تمثل المدرسة كل أطياف المجتمع، وبالتالي نستطيع عندئذ ان نعمم تجربتنا .
وحينها ننصاع للتعليمات ونلتزم بالشروط التي تفرضها الجهات المختصة لفتح المرافق بعد الزام كل القطاعات بتلقيح منتسبيها كشرط لإعادة الفتح الكامل.
وتسند عملية التنسيق، ما بين الأفراد والمؤسسات وتنظيم عملية التلقيح لكل منشأة ( لمركز وطني) يتم إنشاؤه بالاستعانة بالكفاءات الأردنية المخلصة والتي اثبتت على مدار التاريخ تميزها بالجد والمثابرة والتنظيم والالتزام من متقاعدي الجيش العربي، إضافة الى كوادرنا الخبيرة والمتميزة طبيا والذين يشهد لهم في شتى فروع الطب؛ مما يجعل المملكة رائدة كما كنا وسنبقى بإذن الله رقما لا يستهان به.
ولأن ميزانية حكومتنا لا تستطيع تحمل نفقة اللقاح ومن مبدأ ( فرق الحمل يُحمل) ولأن خسارة الأغلاق أكبر بكثير من ثمن اللقاح، سيتم تلقيح الجميع مقابل دفع ثمن تكلفة اللقاح، وبهذا تعود عجلة الأقتصاد الى العمل بإذن الله.
مئويتنا الثانية تستحق منا التفكير خارج الصندوق، لنتمكن من التأسيس لطوق نجاة ينتشلنا جميعاً من براثن العدو، هذا العدو الذي أنهك الأجساد والبلاد وجعلنا جميعاً تائهين ما بين الصح والخطأ والفتح والأغلاق؛ ما أدى الى استنزاف اقتصاد مملكتنا، وبدأ يهدد ما تبقى من منجزات مؤسسات وشركات ومرافق اقتصادية.