في شهر ( آذار الخير آذار العز ) من كل عام تمر علينا مناسبات وطنية مهمة في تاريخ الأردن نفخر بها ففي ففي هذه الذكرى لهذا العام التي تزامنت مع احتفالات الوطن بالمؤية الأولى لنشأة وتأسيس الدولة الأردنية اكسبها طابع مميز وخاصة والوطن يمر بظروف استثنائية بسبب جائحة كورونا مما تطلب الأمر الوقوف صغاَ واحدا لمقاومة هذا الوباء بقيادة الجيش الأبيض الذي قدم التضحيات من أجل الأخرين.....
الأول من هذا الشهرمن كل عام نحتغل بتعريب قيادة الجيش والمتمثل بأ قالة وطرد القيادة البريطانية من قيادة الجيش العربي لتؤول القيادة من بعد الي قادة اردنيين أكّفاء يحملون الهّم الوطني هاجسهم ان يكون الاردن مستقلاً بأرادته وبجيشه دون املاءات من احد وباحتفالنا بالذكرى ( الخامسة والستين ) هذا العام نقف وقفة أجلال واحترام وتقدير لمعرّب قيادة الجيش الراحل العظيم الحسين بن طلال اغلا الرجال وأشرف النسب لهذه الخطوة الشجاعة والجريئة لاستكمال الاستقلال الذي ارسى قواعده جده الملك المؤسس الشهيد عبدالله ابن الحسين رحمه الله لتأتي هذه الخطوة مكملة للحرية والاستقلال الذي جاء بخطوة جريئة وشجاعة ومهمة بقرار مفصلي وتاريخي شكل علامة بارزة في تاريخ الاردن صنعها ملك شاب في مستهل حكمه حيث شكلت مرحلة تاريخية هامة في توطيد أركان الدولة الأردنية بعد الخلاص من القيادة الأ جنبية التي كانت تحول دون تطوير الجيش وتدريبه وتسليحه وحتى ترفيع ضباطه.
فلقد كان يوم الجمعة الأول من آذار الخير من عام 1956 من الأيام الخوالد التي يعتز ويفتخر بها الأردن والاردنيين والعرب حيث استّحقت الخطوة الثانية على طريق الاستقلال والمتمثلة بالقرار التاريخي والجرييء وبناء علية جاء هذا القرار لتكون القيادة بأيدي عربية آمنة.
ما زلنا نتذكر كلمات الحسين القائد المدوية عبر أثير إذاعة عمان ملبية رغبته في استقلال الأردن الذي بدأه جده الملك المؤسس الشهيد عبدالله ابن الحسين فكان لهذا القرار الهام وهذا النبأ الذي بث عبر إذاعة عمان وتحديداً في تمام الساعة السابعة من نفس اليوم كان له رجّه مذهلة في النفوس انعشت الآمال والأماني لدى الأردنيين بشكل خاص ولدى العرب بشكل عام بالتخلص من آخر محطات الاستعمار حيث وجه جلالة القائد الحسين العظيم طيب الله ثراه ائنذاك خطاباً قومياً وتاريخياً مسجلاً بصوته وموجهاً إلى أبناء شعبة جاء فيه:
( أيها الضباط والجنود البواسل أحييكم أينما كنتم وحيثما وجدتم ضباطاً وحراساً وجنوداً , وبعد فقد رأينا نفعاً لجيشنا وخدمة لبلدنا ووطنا أن نجري بعضاً من الإجراءات الضرورية في مناصب الجيِش فنفذناها متكلين على الله العلي القدير , ومتوخين مصلحة امتنا وإعلاء كلمتها وأنني آمل فيكم كما هو عهدي بكم , النظام والطاعة ......) .
وبناء على ذلك و تنفيذا للرغبة الملكية السامية فقد أصدر مجلس الوزراء قراره رقم 198 الذي نص على النقاط التالية:
1. إنهاء خدمة الفريق جون كلوب(كلوب باشا) من منصب رئاسة الأركان في الجيش الأردني.
2. ترفيع الزعيم راضي عناب لرتبة أمير لواء وتعينه لمنصب رئيس أركان حرب الجيش العربي الأردني بدلا الفريق كلوب .
3. إنهاء خدمة القائم مقام باترك كومهل ( مدير الاستخبارات العسكرية) .
إنهاء خدمة الزعيم هاتون (مساعد كلوب للعمليات) وتنفيذ هذا القرار اعتبار من 1/3/1956 .
بعد هذا القرار التاريخي الذي جاء في وقته لجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله توالت ردود الفعل العربية والأجنبية وكان أهمها ردة الفعل للشعب الأردني حيث أكبر الشعب الأردني هذه الخطوة الشجاعة والتي كان الأردن بحاجة ماسة لها من أجل تتويج الاستقلال الحقيقي والمتمثل بايلاء القيادة العسكرية لضباط أردنيين وبإرادة عربية ليتمكن الجيش الأردني من استقلال إرادته العسكرية وتطوير نفسه دون تدخلات من الأجنبي فجاءت الردود على لسان الجماهير في الأردن التي انطلقت مرحبة بالقرار مبتهجة ومهللة وهي تنشد الأهازيج الشعبية والأغاني الوطنية هاتفة لحياة جلالة الملك صاحب الحزم والعزم والجرأة حيث اتجهت هذه الجموع المحتشدة إلى قصر بسمان العامر حيث استقبلهم جلالة المغفور له الحسين بن طلال رحمه الله وألقى فيهم كلمة من أهم ما جاء فيها :
( أرحب بكم في بيتكم هذا أهنئكم بجيشكم العربي، لقد وفقنا الله له والان لقد شاء أن نطمئن وعلينا جميعا أيها الأخوان أن نعمل يداً واحدة في سبيل خدمة هذا البلد وكلنا فداء له ) .
وعلى الصعيدين الدولي والعربي فقد أكبر العالم بأسره خطوة الحسين هذه وهتف المجد من أعماقه لهذه الخطوة الرجولية التي كانت انتصار للكرامة العربية التي تبعت التعريب وحققت نصر الكرامة في يوم الكرامة من شهر اذار عام 68 وأضافت سفراً مضيئاً في سجل الهاشميين الخالد .
ردود الفعل الدولية والعربية على القرار:
رد الفعل البريطاني : جاء على لسان " جيمس لنت" في كتابة " الحسين حياة وسيرة" حيث يقول :
كانت ردة الفعل في بريطانيا على طرد كلوب اكثر من صاخبة ... فعندما سمع رئيس الوزراء البريطاني آنذاك بالخبر انفعل وأصيب بحالة من الهيستيرييا....) .
رد الفعل الأمريكي : جاء ذلك عندما خاطب ايزنهاور جلالة الملك القائد الحسين المفدى فيقول له : انك (بطل )والبطولة ليست ملك شعبك بل هي العالم .
رد الفعل الفرنسي : جاء على لسان كاتب مقال في جريدة لوموند الباريسية قال فيه : إن عزل الفريق كلوب من رئاسة أركان حرب الجيش الأردني يدل على انهيار أخر أعمدة الحكمة لبريطانيا في الشرق الأوسط , وان الأحداث التي تجري في عمان تجبر البريطانيين على أن يعترفوا في نهاية الأمر أن احد فصول التاريخ قد انتهى .
رد الفعل في الاتحاد السوفييتي : جاء رد الفعل في جريدة نيويورك " هيد الد تربيون " كتبت تقول" أن عزل كلوب كان خدمة حاسمة لنفوذ البريطانيين الأخذ في الأقوال ولنفوذ الدول الغربية في الشرق الأوسط بشكل عام .
أما ردود الفعل في الصحافة العربية فقد كانت على النحو التالي:
جريدة الجمهورية المصرية : الصادرة في 4 آذار 1956 نشرت مقالاً بعنوان " سلمت يداك يا حسين " وهي عبارة قالها الرئيس المصري الراحل جمال عبدا لناصر عندما سمع النبأ .
جريدة الفيحاء السورية : الصادرة في 4 آذار 1956 :
(.... وقرارك بالأمس يا حسين هو أروع تعبير عن هذا الوعي العربي الأصيل الذي يرى العزة في شق طريق التحرر والكرامة في القضاء على السيطرة التي تأتي من الخارج ).
جريدة الجهاد اللبنانية : نشرت في عددها الصادر في نفس اليوم الرابع من آذار 1956 كلمة بعنوان " خطوة ملكية شريفة" قالت فيه : ( لقد انزاح الكابوس عن معجزة ما أشبهها بمغامرات الملوك الشريفة حين يحققون لبلادهم وافر السيادة والسعادة وارتعدت لندن وارتجفت واشنطن...)
وبعد فقد كانت خطوة جلالة الملك الراحل العظيم طيب الله ثراه بتعريب قيادة الجيش بارقة أمل على الطريق الصحيح للمسيرة الخّيرة والمعطاءة لهذا البلد قاده الهاشميون كابراً عن كابر وتحقيقا للأماني القومية العربية وعلى رأسها الشعب الأردني الذي أراد ان ينعم بالاستقلال الحقيقي والحرية والحياة الفضلى وكان له ما أراد وفي هذه المناسبة الخالدة لا بد لنا إلا ان نترّحم على معرّب الجيش وصانع مجد الأمة وباني نهضتها الحديثة الحسين رحمه الله كما ونتوجه إلي الله العلي القدير ان يوفق أبا الحسين جلالة الملك عبدا لله الثاني القائد الأعلى للجيش العربي الأردني الذي يجول في الليل والنهار من آجل رفعة الاردن والنهوض به وكما نستذكر في مثل هذا اليوم وهي من باب الصدف وحُسن الطالع وهي ذكرى استشهاد الرائد الشهيد البطل راشد الزيود الذي قدم روحه وهو يقاتل عصابات الشر من الدواعش .. ففي هذا اليوم نترحم عليه وعلى شهداء الوطن الاحرار... ونتضرع الي الله العلي القدير أن يحفظ جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه وهو الذي سار على نهج والده لما فيه خير البلاد والعباد انه سميع مجيب الدعاء .