لربما ما نحتاج إليه في مجتمعاتنا العربية هو مبدأ الشفافية والمساءَلة في المناصب العامة، لأنّ تلك المناصب ليسَت مُلكاً للأفراد وليست حكراً على أحَد، وهي مسؤولية تُفوَّض فقط إلى أصحاب الكفاءات والمتميّزين ليديروا ملفات تتعلق بالشأن العام وبقضاياه.
والمشكلةُ تكمن عندما يكون من لا يستحق في المكان الذي يستحقُّهُ آخرين أكثر كفاءة وخبرة وعلماً وجرأة.، وهذا ما تَحدَّثَ عنهُ سمُّو ولي العهد حفظه الله ورعاه في مقابلتة التلفزيونية الأخيرة على التلفزيون الأردني عندما أشار إلى ثلاثة أمور هامة: أولا، إلى ضرورة وضوح الرؤية. ثانيا، إلى مأسسة العمل. ثالثا، إلى جرأة اتخاذ القرار. وبخلاف ذلك تكون النتيجة تآكل المنجزات التي تحققت بفعل المخلصين، لا وبل ارتكاب أخطاء قد تكون مقصودة أو غير مقصودة، وهذا لا يهم بقدر ما يهم أنَّ هناك ثمناً لمثل تلك الأخطاء التي يدفع ثمنها المجتمع، ويذهب ضحيتها كثيرون، وتكون تلك الأخطاء عائقاً حقيقياً في سبيل تقدم المجتمع وتوفير أفضل الخدمات له.
لربما جائحة كورونا عرّت الكثير من الشوائب في مجتمعاتنا، وهي- أي الكورونا- تشُّكل دعوة سريعة لنا لمراجعة كامل حساباتنا، لأنّ الإصلاح الحقيقي يبدأ أولاً في انتقاء وانتخاب وتعيين أصحاب السيرة الذاتية المكلَّلة حياتُهم بكافة الجوانب الأقرب إلى القدرة على تنفيذ الرؤى والتطلعات التي تنهض بالقطاعات المختلفة نحو بّر الأمان، وليس بالعودة بها إلى الخلف مع تكبيد خسائر بشرية ومادية كبيرة تكون سبباً في إعاقة في التنمية الحقيقية لمجتمعاتنا..
فاجعة السلط كبيرة، ونتمنى أن لا تكون الخسائر البشرية كبيرة، وأن يتحمل المسؤولون عنها المسؤولية القانونية، ولكن لا يجب أن نقف هنا، بل تتطلب المسألة إعادة كامل حساباتنا، وإنتقاء بعناية ممن يولّون مسؤولية حياة الناس ومصالحهم.