الشحاتيت الأسير الذي تحرّرتَ أو حُرِّرتَ أو انتهتْ فترة حكمك في السجن.. لا يهمني الأصح مصطلحًا ، ما لفت نظري وآلمني هو المشهد الذي رأيتك فيه وأنت تتحدث وتبكي من شدة التعذيب والضرب الذي عانيته ، هذا المشهد كأنّه طعنة خنجر غُرست في قلبي ..
هناك مثل فلسطيني شعبي يقول " شوفة العين بتهد الحيل " وهذا المثل ينطبق عليك تمامًا .
أعلم أيها الأسير المحرر أو المكرر ، بأنك لست الوحيد الذي عانى من ضنك سجون الاحتلال، وما زال الكثيرون يقبعون وراء قضبان الاحتلال ، يحلمون ببريق أمل ، وشعاع شمس ، ولم تكن الأول ولا الأخير ، هذا نضال طويل وقدر كتب على الشعب الفلسطيني لأطول احتلال في العالم وأبغضه.
" الشحاتيت " عذرًا يا سيدي إن قلت لك بأنني لم أتمالك نفسي ولم أستطع حبس دموعي ومشاعري عندما رأيتك وأنت تتحدث من خلال محطات التلفزة و الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي ..
ولم أتجرأ على قول: الحمد لله على السلامة ، لأنني لم أرَ في جسمك وعقلك معنى السلامة .
سبعة عشر عامٍ في سجون الاحتلال البغيض ، وأنت تقبع في الغرف المنفردة أو في ما تسمى الزنزانة التي أشبه ما تكون بالمَكرُهة الصحية ، ناهيك عن التفنن في التعذيب والتنكيل بك ، لأنك فقط تدافع عن وطنك وحريتك ..
بعد سبعة عشر عامٍ من العذاب أطفأ الاحتلال ذاكرته، خرج منها فاقدًا للوعي ، رأيت نفسي أمام إنسان هزيل الجسم ، غير متوازن ، تبدو الانهيارات العصبية والنفسية على ملامح وجهه وجسمه ، رأيت إنسانًا فقد معنى الحياة ، لا أدري بأي سجل يمكن أن يُكتبَ اسمك ، سجل الأموات أم الأحياء!؟ خرجت من السجن وأنت لا تعرف أمك التي طال انتظارها لك.. وكأن فترة حكمك مئة عام بالنسبة لها ، خرجت لا تذكر الأحبة ولا الأقارب ولا الأصدقاء ولا الحي ولا الجيران ، فقط تذكرت بأنك كنت داخل السجون وتحت التعذيب لأجل الوطن وعيون فلسطين ، الله أكبر الله أكبر ..على هذه الأرض ما يستحق الحياة ..
بالله عليك يا منصور هل تعلم أين أنت الآن ، وهل تعلم من حضنك ومن لم يستطع احتضانك بسبب هول الصدمة التي أصابتهم ، وهل تعلم بأن الزغاريد حُبست ، والفرحة هُزمت ، والدموع انهمرت ، والحزن خيّم على الجميع ..
وقد يقول البعض بأن " السجون للرجال " لا والله السجون ليست لك ولأمثالك ..
السجون ليست للشرفاء ، السجون وجدت لأجل الفاسدين والمجرمين والقتلة ومن باعوا أوطانهم وسرقوها .
الشحاتيت حالتك قد شكلت صدمة عنيفة للرأي العام ولكل ضمير عربي وإنساني لا يزال حيًا، ،وقد شاهدت ردود فعل بعض المحطات العربية وهي تتناول القضية بألم..
منصور الشحاتيت لقد غابت الإنسانية ، وانقرضت الديمقراطية والحرية والكرامة الإنسانية كانقراض الديناصورات عن وجه الأرض رغم شراستها ووحشيتها ، لأنها وجدت الإنسان اشد وحشية وعنفًا.
الشحاتيت أُكرر بأنك لست الوحيد ولا الأخير ، فهذه فلسطين العظيمة تقدم يوميًا المزيد والعديد من الشهداء والأسرى والجرحى ..فألف تحية وإجلال لجميع الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال ، وألف رحمة لشهداء فلسطين الذين رووا بدمائهم الذكية والطاهرة ثراها.
وها هي الأردن تفتح قلبها وأبوابها كعادتها لتتعهد بتقديم الرعاية الصحية والعلاجية في أحد مستشفياتها وهو مستشفى الرشيد ، كما أعلن الدكتور وليد سرحان مشكورًا..
عاشت فلسطين حرة أبية وعاش الهاشميون وعميد آل البيت جلالة المللك عبد الله الثاني ..