نيروز الإخبارية : عاينت ندوة حوارية كتاب "نظرات في الواقع الثقافي الأردني"، الذي صدر عام 1979 وأعيد طبعه ونشره عام 2012، للأديب والمفكر إبراهيم العجلوني، مساء أمس الاثنين، في قاعة المؤتمرات بالمركز الثقافي الملكي بعمان.
وفي الندوة التي نظمها المركز ضمن برنامج "كاتب وكتاب"، وقدم قراءة فيها الناقد الدكتور زياد أبو لبن، وحاوره الناقد الدكتور يوسف ربابعة، وقدمهما مدير المركز الدكتور سالم الدهام، قال الدكتور أبو لبن إنه على الرغم من مضي أكثر من 40 عاماً على صدور الكتاب، إلا أن حديث الكاتب والمفكر العجلوني، عن الواقع الثقافي الأردني لم يتغير في شيء، بل زاد الأمر تعقيداً وغموضاً واستسهالاً في الكتابة والنشر.
وأضاف إن هذا الحديث لا يقتصر على الواقع الثقافي في الأردن، بل ينسحب على الواقع العربي برمّته، وأي حديث عن الواقع الثقافي في الأردن لا بدّ أن يؤخذ في سياقه العربي، مشيرا إلى أن العجلوني بذل جهداً محموداً في الوقوف على محطات في ثقافتنا العربية، مستشهداً ومسترشداً بتراثنا العربي الإسلامي بمحمولاته النيرة، ضارباً المثل تلو المثل للاستدلال على قضية من القضايا التي يطرحها في كتابه، ووسعه الحال ثقافة رصينة تتصل بالتراث، وثقافة مكتنزة بالمعرفة المعاصرة، ووعياً عميقاً بالمعارف الغربية.
ونوه بأن العجلوني صاحب فكر مستنير، وله تجارب ثريّة بالفكر والأدب والإبداع والفنون الأخرى، بل طالت قامته عمالقة التراث العربي والإسلامي والمحدثين، وهو يشكل علامة فارقة بين مُجايليه، يأسرك في لغته وفكره.
وبين أن العجلوني فصل كتابه "نظرات في الواقع الثقافي الأردني" في أبواب أفضت إلى فصول من باب التخفيف على القارئ، مشيرا إلى أن الراحل الدكتور سحبان خليفات، كتب مقدمته وهي مقدمة كاشفة عن أبواب الكتاب وفصوله، تدفع بالقارئ دفعاً مشوقاً لقراءته، مستعرضا أبواب الكتاب وفصولها.
ولفت في الندوة التي حضرها عدد من المثقفين والكتاب والأكاديميين إلى أن العجلوني من أنصار الذين يؤمنون بصدق شخصية الكاتب وانعكاسه على منهجه، والذين أخلصوا لعقيدتهم الإسلامية، وآمنوا بتراثهم العربي الإسلامي، وساروا على منهج مورده الفكر والأدب العربي، وأسقط من حساباته الذين انبهروا بثقافة الغرب، وأخذوا يزينوا أحاديثهم وكتاباته بأقوال الغربيين.
وقال أبو لبن إن العجلوني يعزو تردّي الواقع الثقافي الأردني إلى ما يتصل بمثقفينا من مستهلكاتهم الفكرية التي مصدرها الغرب وما ترميه المطابع من ترجمات، دون الالتفات إلى تراثهم الحضاري، والتسلح بما يمكن أن يمدهم به من مقومات، كذلك ما أسهمت به الصحافة الأدبية من فوضى، فقدّمت الناشئة من الكتاب أكبر من أحجامهم وطاقاتهم، وما أصاب رابطة الكتّاب من لين الجانب في قبول المبتدئين.
وطرح الدكتور الربابعة في الندوة عددا من القضايا التي تحتاج إلى حوار، لافتا إلى أن ما كان قبل 40 عاما كما هو الآن ولربما زادت الأمور صعوبة، ولكنها اختلفت من حيث العامل الزمني الذي يلعب دورا مهما.
وأشار إلى أن محنة الكُتاب محنة قديمة لا تنتهي أبدا، وأن الفكر معبر عن ضمير هذا العالم والابداع هو ضمير هذا العالم، فلا يمكن أن يعيش سالما دون معاناة وتعب.
كما طرح الربابعة عددا من التساؤلات من أبرزها "ماذا نريد..نعود إلى تراثنا وننتقل به إلى عصر جديد؟ وكيف نستفيد من الماضي؟".
ورأى أن الصراع بين أنصار العامية والفصيحة في اللغة العربية، هو صراع مفتعل، مشيرا إلى أن كل اللغات فيها عامية وفصيحة إلا أنه "لكل مقام مقال ولكل حادث حديث"، وثمة مستويات لاستخدام اللغة، إذ أن الحياة اليومية تتطلب لغة بسيطة، بينما في البحوث العلمية والأكاديمية والأدب بمختلف صنوفه للغة مكانتها الفصحى، مؤكدا أن اللغة تستطيع أن تحفظ ذاكرة الأمة.
من جهته، ثمن العجلوني دور المركز في نهجه الحالي، مشيرا إلى أن الكتاب صدر قبل 42 عاما، وأن بعض مواده كتبت قبل 50 عاما.
وتحدث عن عدد من القضايا التي تناولها كتابه آنذاك وما زالت قائمة إلى يومنا هذا.
وجرى في الندوة، مداخلات وحوارات حول القراءة التي قدمها الدكتور أبو لبن، والأسئلة التي طرحها الدكتور الربابعة والقضايا التي تناولها الكتاب وشارك فيها عدد كبير من الحضور.