لم يتفاجأ لاعبون في دوري المحترفين لكرة القدم، بتآكل رواتبهم الشهرية التي وصلت إلى 35 دينارا، في مشهد يعكس الحالة المتردية لواقع الاحتراف في الأردن.
وتطبيقا للمثل القائل "ولا البلاش”، اضطر اللاعبون للقبول بهذا المبلغ المتواضع، الذي جاء وفق حديث أنديتهم بأنه دفعة "لتسليك” اللاعبين ومساعدتهم على تعبئة مركباتهم بالبنزين، ليتمكنوا من حضور التدريبات، بعد أن شكا نجوم في الكرة الأردنية من عدم القدرة على الانتظام بالتمارين، نتيجة عدم امتلاك ثمن الوقود.
وتجسد هذه الواقعة المتكررة بين الفينة والأخرى، الحالة المتردية التي وصل إليها الاحتراف في الأردن، نتيجة الأزمة المالية الخانقة التي تضرب صناديق الأندية، إلى جانب السقطات الإدارية والفشل في تأمين موارد مالية قادرة على الإيفاء بمتطلبات الاحتراف أو جزء منها على أقل تقدير.
والمؤلم في الموضوع أيضا، أن الراتب الشهري الذي وصل إلى 35 دينارا، ذهب للاعبين فقط، حيث تم استثناء الأجهزة الفنية والإدارية والطبية، في مشهد أثار احتجاجات المستثنيين الذين باتوا ينتظرون نهاية الموسم الكروي الحالي بفارغ الصبر، ليتحرروا من هذه المرحلة الصعبة.
وتعيش أندية المحترفين حاليا في أزمة غير مسبوقة، خاصة على الصعيد المالي، فما يحدث في دوري المحترفين الأردني، لم يسبق وأن حدث في دوريات أخرى، فاللاعب لم يتسلم راتبه منذ حوالي 6 أشهر، وفي حال تسلمه، فإنه يحصل على "الفتات”.
في دوري المحترفين في الأردن، يضطر الفريق لإجراء تدريبه تحت أشعة الشمس الحارقة، بسبب عدم القدرة على إجراء تدريب مسائي في ملعبه، لغياب الإنارة، نتيجة إقدام شركة الكهرباء على قطع التيار الكهربائي لعدم تسديد النادي لقيمة الفواتير المترتبة عليه.
في دوري المحترفين لكرة القدم، لا يستطيع اللاعب أن يرشق الماء على وجهه بعد التمرين، بسبب انقطاع المياه في النادي، لعدم تسديد الفواتير أيضا.
في دوري المحترفين الأردني وفي ذروة المنافسة، وفي اللحظات التي يفترض أن يتواجد فيها اللاعب يوميا في التدريبات، تجد إضرابات بالجملة للاعبي الأندية احتجاجا على تأخر المستحقات لأشهر عدة، فيما بات من الطبيعي أن يتأخر راتب المدير الفني وجهازه المعاون لأكثر من عام.
ويقول مازن الصغير لاعب المنتخب الوطني السابق المتمرس في العمل الإداري من خلال مهامه الإدارية المتعددة في نادي الجزيرة، إن تسلم اللاعب لراتب شهري مقداره 35 دينارا أو 50 دينارا، هو أمر بات متكررا في الأندية الأردنية التي تعاني من ضائقة مالية غير مسبوقة، تهدد وجودها ومستقبلها، ما لم يكن هناك تدخلا حكوميا لإنقاذ الأندية.
وأضاف في حديثه لـ”الغد” أندية المحترفين تتجه نحو الهاوية، بسبب الظروف المالية التي تمنعها من تسديد رواتب اللاعبين والمدربين، ما يدفع الكثيرين للتوجه إلى اتحاد كرة القدم لتقديم شكاوى على الأندية لتحصيل حقوقهم، فيما يذهب المحترفون الأجانب في الأندية الأردنية، لتقديم شكاوى في الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا”، ما تسبب في حرمانات وقرارات صعبة ضد العديد من الأندية.
رئيس نادي معان ماجد الخوالدة الذي يلعب فريقه في مصاف أندية المحترفين، أكد أن لاعبيه لم يحصلوا على رواتبهم منذ 3 أشهر، كما أن آخر دفعة من الرواتب لم تتجاوز 75 %، فيما لم يتسلم الجهاز الفني راتبه منذ فترة أطول.
وأضاف: من الطبيعي أن تحاول الأندية تأمين دفعة ولو قليلة كل بضعة أشهر، وهو الأمر الذي يثير تذمر اللاعبين الذين يتوعدون برفع شكاوى في حال لم يحصلوا على المستحقات، مطالبا بتدخل حكومي لإنقاذ الأندية التي تواجه مصيرا مجهولا.
نجوم في كرة القدم الأردنية، أكدوا صعوبة الأوضاع المالية في أنديتهم، الأمر الذي يشعرهم أنهم يلعبون بالمجان في عصر الاحتراف.
وكشف اللاعبون الذين فضلوا عدم الكشف عن هوياتهم، خوفا من عقوبة أنديتهم، بحجة التصريح دون إذن، عن عدم تسلمهم للرواتب منذ أشهر طويلة وصلت عند البعض إلى 6 أشهر، مؤكدين أن الأندية تدفعهم لتقديم شكوى رسمية كخيار وحيد للحصول على المستحقات المالية.
وتعترف جميع أندية المحترفين، بصعوبة الوضع المادي، الذي يدفعهم للوقوف عاجزين عن تسديد مستحقات اللاعبين الشهرية، ما يضعهم في موقف صعب، على أمل تدخل حكومي قريب يعيد الوضع "المتدهور” إلى طبيعته.