في عام 1988 على ما اذكر، دعاني الملحق العسكري الاردني آنذاك العقيد عيسى الخطيب الى حضور لقاء الامير الحسن ، ولي العهد الاردني آنذاك ، مع طلاب عسكريين اردنيين يدرسون في بريطانيا، وضباط يحضرون دورات عسكرية. وكانت هناك دعوة للزميل الصحفي المعروف نصر المجالي لحضور لقاء الامير .
وكان من بين الحضور رئيس الوزراء الاسبق معروف البخيت الذي كان برتبة عقيد ويدرس الدكتوراه في لندن.
كان الملحق العسكري آمر الكتيبة العسكرية التي تتولى حراسة مؤسسة الاذاعة والتلفزيون في الاردن، وكان يعرفني وعندما جاء الى لندن ملحقاً، تلطف بدعوتي لزيارته.
دار في لقاء الامير الحسن نقاش حول قضايا عدة، وكان الامير سعيدا حيث كانت ضحكته المعروفة تهز ارجاء المكان.
تطرق الامير الحسن الى الاعلام، وتساءل عن وجود صحفيين اردنيين اثنين في القاعة، فوقفت وزميلي الاستاذ نصر تحيةً واحتراماً للأمير، وطلب منا ان نتحدث عن الاعلام الاردني، من وجة نظر الصحفيين في الغرب… تحدث الزميل نصر عن مواقع القصور في الصحافة الاردنية ووضع بعض الحلول.
ثم طلب الامير من الصحفي الثاني ( وهو انا ) لكي ادلي برأيي.. قلت ان الاعلام الاردني لا يؤدي اي دور للمغتربين وهو اي الاعلام عاجز عن ايصال هذه الرسالة بسبب صعوبة التقاط الاذاعة آنذاك. قلت اننا لا نسمع اخبار محلية ولا برامج موجهة للمغتربين ولا نسمع برامج فولكلورية او اغنيات شعبية… وهنا مازحني الامير قائلاً
( يا اخي انا احب فريد الاطرش ) فوضعتُ يدي على قلبي… قال لي الامير ( انا اعرف اخ سالم ) …اكتب لي رسالة عن الملاحظات التي أبديتها.
بعد انتهاء الاجتماع طلب منا الامير التقاط الصور التذكارية، وبعد عودته الى عمان وصلتني صورة معه مُهداةً منه تحمل توقيعه الكريم.
مساءً….. بعد انتهاء الاجتماع هاتفني الملحق العسكري العقيد عيسى الخطيب، وسألني عما اذا كنت قد كتبت الرسالة… قلت له يا سيدي… الامير قال لي انني اتحمل المسؤولية عن كل كلمة اكتبها… امهلني حتى يوم غد لانني اكتب للرجل الثاني في الاردن … امهلني يا سيدي.
في اليوم التالي بعثت الرسالة بالبريد المسجل المستعجل . … وانتظرت ماذا يمكن ان يفعل الامير…
بعد ستة اشهر استحدثت الاذاعة الاردنية اذاعة جديدة ( الاذاعة الموجهة ) وعالجت كل الملاحظات التي ابديتها في اللقاء مع الامير الحسن.
انا اعرف كثيرا عن الامير الحسن عندما كان وليً العهد، لانني خدمت في كافة منصات الاعلام الاردني 18 عاما… كان رجلاً جريئا في قول الحق خلال اجتماعاته مع المسؤولين، كان ينتقد الخطأ فورا، كان حازما في اتخاذ القرارات، لا يجامل ولا يهاب احدا في مخاطبته للمسؤولين…..كان يتفقد الاردنيين في كافة انحاء البلاد ويجلس مع الوجهاء وكبار السن، ويتناول افطاراً بسيطا مع المواطنين العاديين، كان مُحباً للاردنيين ومحبوباً منهم.
وبصفتي مواطنا اردنيا فانني ارى ان عدم ايكال الامير الحسن بن طلال القيام باي دور مهم في الحياة العامة، هو خسارة كبيرة للبلد، وكان من المؤكد ان يؤدي دورا كبيراً لو كُلَّفَ بالقيام به…. وهنا انا لا اتدخل في شؤون الدولة, مع احترامي وتقديري الكبيرين لصاحب الجلالة.