سيبقى دم الشهداء الذي اختلط بثرى الوطن الطهور لينبت أقحوانة النصر لنتنسم بهاء نسائم الحرية والفخار لرجال عاهدوا الله والوطن ان تبقى الهامات مرفوعة .
في حرب عام 67 قدم الاردن كوكبة من الشهداء تجاوز عددهم ال السبعمائة شهيد ارتقت ارواحهم للسماء فخورة بما انجزت على الارض من هؤلاء الشهيد (الجندي سالم محمود العبادي) ولد الشهيد في بلدة يرقا أحدى قرى محافظة السلط عام 1940 لأبوين حاولا جاهدين تدريسه رغم ظروفهم الاقتصادية ، فبذلوا جهوداً مضنية أثمرت في تدريسه وحصوله على شهادة الخامس ثانوي (آنذاك) وانتقل من مدرسة إلى أخرى من مدارس الكتاتيب إلى وادي السير ثم السلط وأخيراً الشونة الجنوبية.
الشهيد هو الأبن الأكبر لوالديه ، التحق في القوات المسلحة عام 1960 وكان له شرف الخدمة في كتيبة الدبابات الثانية ، وحظي بحب واحترام وتقدير ضباطه وزملاءه على حد سواء، وكان رحمه الله شغوفاً بالعلم والمطالعة.
عندما دُقَّت طبول حرب عام 1967 كلِّفت وحدته بالتحرك إلى الجبهة وقبل بدء المعركة بأيام قليلة ولدى مرور وحدته من منطقة وادي شعيب يقال إنه استطاع التحدث إلى أحد سكان القرية مبلّغاً إياه أنه سيحاول الحضور بأقرب وقت ممكن لوداع أهله وفعلاً استطاع أن يحصل على إجازة قصيرة يوم الرابع من حزيران ، وفعلاً مكث مع أهله حوالي ساعتين وكان يرتدي لباس المعركة ثم ودَّع أهله وقبلّهم جميعاً ورافقه شقيقه سليمان لوداعه وكان يبلغ من العمر آنذاك 14 عاماً ، ولاحظ أخوه أن الشهيد ودَّع كل من صادفه وسلم على الجميع بطريقة مستغربة تختلف عمَّا كان يقوم به أثناء إجازته الاعتيادية ، فسأله لماذا تتعمد البحث عن الناس والسلام عليهم بتلك الطريقة فأجابه بكلمات رقيقة " من المحتمل أن تكتب لي الشهادة وأتمنى ذلك " وفعلاً استشهد البطل سالم العبادي أثناء مواجهة مع العدو في هذه المعركة وانتهت الحرب وبدأ الجنود يعودون ولكنه لم يعد فأخذ والده يجوب الأرض بحثاً عنه وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية أنه من المفقودين، إلا ان والده بقي يحدوه الأمل بأن آبنه لا يزال على قيد الحياة واستمر على حداده خمس سنوات وسبب ذلك له أنه لم يجزم أحد باستشهاده إلى أن التقى شقيقه سليمان بعد تخرجه من الجامعة والتحق بالقوات المسلحة طبيب التقى بأحد زملائه الذي قام بإيصاله على بعض من كان معه في المعركة حيث تحدث له عن قصة استشهاده الحقيقية حين تعرضوا لغارة جوية تفرقوا إثنائها، وكان هو وبعض الجنود في أحد الحقول، وأخذ ينادي بأن يتفرقوا حتى لا يصبحوا هدفاً مجمعاً ، وأثناء ذلك وضع يده على صدره وصاح بأعلى صوته بأنه قد أصيب في صدره ، ثم سقط خلف الجدران الإستنادية ولم يتمكن أحد من الوصول إليه بسبب شدة واستمرار القصف الجوي.
وهكذا استشهد الجندي سالم محمود العبادي كما كان يتمنى ، وكان عمره 27 عاماً حيث انظم إلى قافلة شهداء الواجب في السنة التي كان ينوي فيها الزواج .
هذه هو شأن الأردنيين الاحرار نشامى الجيش العربي الباسل كلهم أن يقدموا أرواحهم فداءً للوطن والعروبة والدفاع عن الثرى الاردني الطهور فليرحم الله شهيدنا ويدخله فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون