منذ يومين أو أكثر وأنا لا زلت أتأمل في ذلك الطفل الملائكي ، الذي أضناه التعب تحت وطأة أشعة الشمس الملتهبة ، والذي ألقى به منهكًا على جادة الطريق العام ليأخذ قسطًا من النوم، بعدما أعلن منذ باكورة صباحه عن جده واجتهاده للخروج للعمل الشاق ، والذي يتمثل لنا من خلال الصورة الصارخة أدناه.
لم أستطع أن أحدد موقع هذا الطفل من الكوكب ، ولكنه حتمًا ينحدر من دولة عربية إسلامية تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ، ولقد تبين لي ذلك من خلال الكتابة العربية لقارمة أحد المحال التجارية الظاهرة في الصورة .
وكما يبدو أن عمله يتمثل بجمع مخلفات النحاس وعلب البيبسي والكوكا كولا ، ليبيعها لمن هو أقدم منه في المهنة ذاتها ، ليعتاش من نقودها هو ومن معه في المنزل إن كان لديه منزلًا ينزل به أصلًا.
والغريب أكثر تلك العربة التي صنعها مستخدمًا في صناعتها عجلات قديمة لدراجات هوائية، بالكاد وجدها في مقر عمله ( أماكن رمي المخلفات ) ، حيث كان من الأولى لطفل في عمره أن يلعب ويلهو على تلك الدراجات ، ولكن #عندما_يشيخ_الأطفال ، يصبح لزامًا عليهم ترك ما هو طفولي ، ومجابهة الحياة بكل عزم لا يلين ، علّهم يجدون ما يسد رمقهم ومن يعيشون.
عذرًا يا صغيري لعجزنا عن انصافك وانقاذك مما أنت فيه ، فالكل فينا مشغول بالدفاع عن المسؤول ، والتقرب من أصحاب الميول ، وكل ما جرى لك ما هو إلا من صنيعهم ، فأنت ومن معك ونحن ومن معنا ليس إلا أرقامًا وطنية على لائحة المسؤول ، يتسول بإسمنا من الدول العظمى وكلما زاد العدد زادت المنح.
هذا هو الحال يا صغيري ، ولكن اعلم ، بأنك أطهر من أطهرهم ، فالفاسد فيهم لا يطهر حتى لو اغتسل سبع مرات إحداهن بالتراب.