لو طلب مني الآن أن اخدم في الحدود الشمالية كماسح بساطير للعسكر هناك .. ساعتبر الأمر فيه الكثير من الشرف وسأقبل...على الأقل ( عيالنا ) من العبيدات والخضيرات والمشاقبة ، قدموا امس اجوبة عن الهوية الجامعة ..
لابل قدموا دمهم كإجابة في الهوية الأردنية العظيمة ، وأكدوا انهم التعبير الحقيقي عن الهوية ...
لماذا فقط هم وحدهم أولاد العشائر والقرى البعيدة .. في اربد والكرك ومعان والمفرق من يدفعون الدم ؟ .. لماذا لم نشاهد أولاد اصحاب الشركات الريادية في البزنس بارك .. لماذا لم نشاهد اولاد رؤوساء جمعيات ( الأن جي اوز) ...وكبار موظفي ( البوليفارد) والسادة الوزراء - حفظهم الله جميعا - بلا استثناء ... لماذا لم يستشهد أولاد هؤلاء ، بالمقابل فقط أولادنا من يستشهدون ...؟
لماذا لم يستشهد أولاد الذين يعينون في اللجان العظيمة ويصنفونهم بأنهم خيرة الخيرة ..لماذا لم يستشهد أولاد من بنوا من دمنا ( فلل) دير غبار وعبدون والكرسي ...لماذا لم يستشهد أولاد السادة النجب الذين ارسلوهم لبريطانيا على حسابنا وأحضروهم هنا وزجوهم في المواقع العليا والمناصب الكبرى ..
لماذا لم يستشهد أولاد من نظروا علينا مؤخرا ..باسم المناصب العليا التي شغلوها وباسم الوعي الذي احتكروه ...وعاشوا عمرهم ...على فواتير هواتف تدفع من الدولة ، وفواتير مياههم وفواتير علاجهم وسياراتهم والمرافقين ....كلها من الدولة ومن دمنا ...
أعود لمنظري الهوية الجامعة ، للذين يستكثرون علينا الشماغ والعشيرة وقبلة نطبعها على كفوف أمهاتنا ، للذين يكرهوننا إن نطقنا بالكركية الفصحى أو ادخلنا حوران في اللهجة العذبة ... أعود اليهم كي أخبرهم أن دم لؤي عبيدات سال بفعل قيم العشيرة التي اكتسبها .. سال بفعل الكرامة التي حلقت فوق ( حرثا) وقرى العبيدات وما زالت محلقة .. سال بفعل الحليب الذي رضعه من الطفولة وكان في كل قطرة يزرع في جسده معادلة العشيرة : وهي ( الموت ولا الدنية ..) سال دمه لأنه ابن حوران ابن العبيدات الذين انجبوا ( عيالهم) على قيم ومباديء لاتباع ولا تشترى ....
والعموش والخضيرات .. هؤلاء استشهدوا الأن الحليب الذي رضعوه من صدور امهاتهم ...كان حليبا أردنيا ...طهورا نقيا وفي كل رشفة كانت امهاتهم تقرأ معه : (والضحى والليل إذا سجى) ....لم يشربوا حليبا جامعا ، ولا حليبا ممزوجا بمقررات اللجان ، لم يشربوا حليبا ..مطعما بالكالسيوم والصوديوم .. بل شربوا الحليب الأردني ...نعم نحن أردنيون والحليب في أثداء أمهاتنا له هوية واحدة موحدة وهي الأردنية .. ومن يقول غير ذلك فقد اساء لدمي ...
هؤلاء لم يستشهدوا فقط ... ولكنهم قدموا اجابات في الهوية والعشيرة في القيم والمباديء ومنحونا تعريف الأردني ... والأردني هو من يدفع الدم فقط ..
ذات يوم ستصعد الدماء الزكية معنا ، وستستعيد لنا البلد .. هو دمكم يا جنود الله ويا جنود الحق والمباديء والبلد .. هو من سيستعيد لنا ضميرنا الذي استباحوه .. وهو من سيستعيد لنا الهوية التي أرادوها على مقاسات التغريب والتهميش ....هو من سيستعيد صوتي الذي عاقبوه ...واثخنوا اقلامنا وأرزاقنا ومصائرنا بجراح التهميش والنكران والصد لأننا اقترفنا جريمة الغزل بدم وصفي ومسدس حابس ..
دمكم هو الذي سيستعيد للرأس شماغه .. وستصعد من جديد جدائل الأردنيات المدى مثلما تصعد سنابل حوران الأرض .. دمكم هو من سيشطب حزب أمريكا .. والمرتهنون لها من خارطة النفوذ وخارطة القرار وخارطة ..اللغة الفوقية .
الدم حين يسيل معلنا الشهادة .. فهذا انتصار الهوية والوطن والعشيرة ، وهو الدم الذي سيهزم كل السيوف الصدئة .. والمجتمعات الصدئة والأفكار الزائفة ، وسيعيد لنا الأردن الذي يليق بنا ونليق به.