تعد التعددية الثقافية بمختلف أشكالها، سمة من سمات العديد من المجتمعات، ومع ذلك، ففي العصر الحديث، أصبح بقاء العديد من الثقافات في بلد واحد مشكلة خطيرة، وعلى الرغم من أن اتجاه العولمة الذي انتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم منذ التسعينيات قد حفز تطور التعددية الثقافية، فإن القومية سريعة النمو والفاشية الجديدة والأصولية، والتوسع في "تسييس" الطوائف الدينية، لا سيما في الجغرافيا الإسلامية، لم توقف التعددية الثقافية فحسب، بل أدت إلى انهيار المجتمعات.
اليوم، أدت القومية واليمينية والفاشية الجديدة في الغرب، والتطرف الديني والقومي في آسيا، وانتشار الإرهاب والقومية الإسلامية الراديكالية في الشرق الإسلامي إلى الانهيار الوشيك للتعددية الثقافية. لكن قبل كل شيء تستقطب أذربيجان الانتباه كمكان واحد للتعددية الثقافية في العالم، حيث تشكل التعددية الثقافية، التي يتراجع ثقلها السياسي في العالم يوماً بعد يوم ويضعف نطاقها، أساس استراتيجية السياسة الداخلية للدولة في أذربيجان، فعلى سبيل المثال، عند النظر إلى مدينة باكو الجبلية، عاصمة أذربيجان، يمكن رؤية المنظر الرائع للمعابد والكنائس والمساجد الموجودة في الشوارع والطرق المجاورة، وأن هذه ليست فقط سمة من سمات باكو ، ولكن يمكن ملاحظة نفس الوضع في كنجه وجوبا وشاماخي ومدن أخرى في أذربيجان.
من أبرز سمات التعددية الثقافية في أذربيجان الموقف المتسامح للمجتمع المدني تجاه ممثلي الثقافات والأديان الأخرى، فعلى سبيل المثال، يمكن القول أن أكثر من 93 ٪ من سكان أذربيجان مسلمون، ولكن مع ذلك، فإن المجتمع الإسلامي الذي تعمل فيه المجتمعات اليهودية والبروتستانتية بحرية أكبر هو المجتمع الأذربيجاني، فقد كانت أذربيجان موطناً ليس فقط في العصر الحديث، ولكن عبر التاريخ، لشعوب تعرضت للقمع والاضطهاد، وبغض النظر عن هوياتها الدينية والعرقية، فهذه السمات التاريخية هي التي تشكل أساس نموذج المجتمع المتعدد الثقافات والمتسامح في أذربيجان.
وهكذا، ففي الوقت الذي تغرق فيه التعددية الثقافية في العالم، فإن أذربيجان لا تزال متمسكة بثبات بالتعددية الثقافية والهويات العرقية والدينية المختلفة، حيث تحافظ على نموذج فريد من التعددية الثقافية، وهذا ما يدل بوضوح علي أن الأشخاص ذوي الخصائص المختلفة يمكنهم العيش معاً بحرية وسلام واستقرار.