لم يترك الأجداد رحمهم الله مناسبةً ما ، إلا وقد قالوا بها الأمثال ، توصيفا لتلك المناسبة ، وهذا لم يأت إلا من رجالٍ عركتهم الحياة ، فخرجوا لنا بثمار تلك التجارب ، عن خبرة وفطنة منهم . ولا يكاد فصل الشتاء تحديداً يخلو من هذه المناسبات ، فهناك الكثير من القصص والأمثلة التي ضُربت توصيفًا لذلك الفصل ، ومنها ما يسمى بخمسينية الشتاء.
خمسينية الشتاء : فترة تقدر بخمسين يوماً ، تأتي بعد المربعانية ، وتقدر من ناحية جغرافية في الفترة الواقعة ما بين الأول من شهر شباط إلى الثاني والعشرين من شهر آذار ، وتقسم إلى أربع فترات كل فترة تسمى باسم (سعد) ، وهذه الفترات تقسم كل منها بإثني عشر يومًا ونصف اليوم ، ومجموعها خمسون يومًا مقسمةً كالآتي.
* ( سعد الذابح ) : يبدأ من الأول من شهر شباط وينتهي بالمنتصف الأول من اليوم الثالث عشر من نفس الشهر.
وقد قالوا عنه السلف (سعد الذابح ما في كلب نابح) أي أنك لا تشاهد كلاب الشوارع المنتشرة لأنها تختبى من شدة البرد بحثاً عن التدفئة
وهذا دليل على شدة برودة الطقس في تلك الفترة.
* ( سعد ابلع أو البالع ) : ويبدأ من المنتصف الثاني من يوم الثالث عشر من شهر شباط وينتهي في الخامس والعشرين من نفس الشهر .
وقد قالوا عنه السلف : (سعد ابلع بوكل ما بشبع ) وهذا دليل على كثرة الأمطار في تلك الفترة وقدرة الأرض على استيعابها في الوقت ذاته.
* ( سعد السعود ): ويبدأ من المنتصف الأول من السادس والعشرين من شهر شباط وينتهي في العاشر من شهر أذار.
وقد قالوا عنه السلف : (سعد السعود بتدور الماوية بالعود) وهذا دليل على أن الماء يبدأ يدور في عروق الأشجار لكي تحصل عملية التبرعم.
* ( سعد الخبايا ): ويبدأ من العاشر من شهر أذار وينتهي في الثاني والعشرين من نفس الشهر .
وقد قالوا عنه السلف (سعد الخبايا بتطلع الحيايا ) ، وهذا دليل على طلوع الشمس بعد طول انتظار ، لطرد الرطوبة الماكثة في بطن الأرض ففيها تخرج الخبايا أي الزواحف وغيرها من باطن الأرض ، لتتلقى مزيدًا من أشعة الشمس التي لطالما انتظرتها بفارغ الصبر .
وبهذا تكون خمسينية الشتاء قد انقضت ، ودخل فصل الربيع حاملاً معه حياة جديدة ، زاخرة بالحب والخير والعطاء ، لما ستخرجه الأرض من ثمار ناصعة ذات جودة عاليه ، وهنا تتجلى قدرة الله سبحانه وتعالى في إحياء الأرض بعد موتها وليكن لنا آية في ذلك .