لقد كان يوم أول أمس الإثنين ٢٠٢٢/١/٣١ يوماً غيرَ عادي في حياتي ليس لمجرد الإحتفال باليوبيل الذهبي وخمسين عاماً من نعم الله وبركاته على حياتي، بل أيضاً بسبب ما غمرتموني به من فيض مشاعر الحب وأصدق معاني التهاني والتبريك بهذه المناسبة والتي عكست مَدى محبتكم ونبلَ أصلكم وصدق تمنياتكم بأن يكون القادم لي أفضل بنعمة الله تعالى.
هذا ما عبر عنه أيضاً صاحبَ الجلالة الهاشمية بمناسبة عيد ميلاده الستين بخطابه للشعب الأردني الوفي الذي غمره بصدق محبته وأحاطه بهالة من الفرح والفخر الإعتزاز، ومعبراً عن ذلك بقوله أنه يستمد العزيمة والقوة من شعبه الوفي، وأنه يرى في السنين الموضوعة أمامه من نعم الله وإحساناته عهداً في الإستمرار في خدمتهم، إذ يستحقون منه بذلَ كل ما بإستطاعته من أجل راحتهم وسعادتهم والوقوف عند حاجاتهم.
نعم، إن حجم التهاني الكبير يوم أمس وأول أمس كان مصدر فرح لي وفخر بأنّ محبة الناس هي كنز لا يفنى، وبأنها- أي المحبة- هي رصيدنا الحقيقي في الحياة يفوق كلَّ المناصب والمراكز ، فكثيرون يرحلون بمجرد أن يتركوا مناصبهم ولا يعود أحد يذكرهم، ولكن آخرين قد صنعوا من تكليفهم منارةَ محبةٍ وعطاءٍ وخدمةٍ تعود عليهم بالمحبة والدعاء والشكر. ألا يقول الحكيم سليمان "اِرْمِ خُبْزَكَ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ" (جا 1:11)، كذلك ألا يعلمنا الكتاب المقدس قائلا: "فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ." (غلا 10:6). فما أجمل أن يحيط بنا الأصدقاء والأحباء مسلمين ومسيحيين ويغمروننا بفيض كلماتهم وصدق مشاعرهم الطيبة. أعتقد أنه لم يعد هناك في الحياة متسّعٌ للمجاملات، لأنَّ قناع النفاق سيسقط عن كثيرين وتتعرّى حياتهم وزيف مواقفهم. وحياتنا قصيرة بسنيها والأجمل أن لا نقف عند باب أُقفلَ أمامنا، فعند الله أبواب كثيرة، وما أن يَفتحَ الله لنا باباً فلن يقدر أحد أن يُغلقه.
أقدم لكم جميعاً شكري القلبي لما غمرتموني به من غبطة وسعادة، فلقد عبّرتم بتهانيكم الرقيقة والصادقة صدقَ مشاعركم النبيلة، حيث شكلت بالنسبة لي مصدرَ قوةٍ وإلهامٍ بأنْ أكمل مسيرة حياتي بكلِّ قوةٍ وإيمانٍ وروحانيةٍ تساعد الناس على تخطي تناقضات الواقع وتحديات الحياة ورياحها العاتية وأمواجها التي تتسلل إلى قارب السفينة لتغرقه. فلكل كلمةٍ وكلِّ جملةٍ قيلَتْ تركت في قلبي أثراً كبيراً يزيد من محبتي وخدمتي لكم ما قدرني الله على ذلك.
وأعجب للكلمات التي خطّها لي على الفيس بوك إبن الخامسة عشرة ربيعاً إبني دانيال حفظه الله وبارك مسيرة حياته والنابعة من صميم قلبه بأنه يرى فيَّ معنى الأبوة والرجولة والقوة لما تعجز الكلمات أن تصفني بها، واصفا مواقفي بأنها شامخة وصامدة متكلاً على الله وأقتبس كلمته،
" اليوم نحتفل بعيد ميلادك الخمسين يا من أثبت لي معنى الأبوة والرجولة والقوة، فتعجز الكلمات عن وصف شخصك الصبور الذي وقف شامخاً وصامداً، متكلاً على الله في أحلك الظرف وأكثرها قسوة. فأنت القدوة والمثل الأعلى، فقد شهدنا على حبك وعطائك للعائلة والمجتمع والكنيسة والوطن.
فأود أن أشكرك يا أبا ناصر على كل تضحية قدمتها لي لأكبر أمامك وأكمل مسيرتك، وأتمنى من الله العلي القدير أن تكون السنوات القادمة من عمرك مليئة بالبركات والفرح والسلام. وكل عام وأنت بألف خير، أطال الله في عمرك يا ملكي وتاج رأسي".