في تاريخ الاردن المئات من الرجال الذين حلوا في مواقع المسؤولية ومنحوا مساحات متفاوتة للتفكير والاقتراح والنصح والتدبير. الكثير منهم رحل عن الموقع واعفي من المهام وربما رحل عن الدنيا دون ان يترك اثرا ومضى وكأنه لم يكن وقلة هم الذين علقوا في الذاكرة الوطنية لدرجة ان اسماءهم ارتبطت بهذه المواقع ولم يزدهم البعد عن الاضواء والمنابر الا تقديرا واعجابا....
معالي الاستاذ عدنان سعيد ابو عودة كان واحدا من ابرز اعلام السياسة الاردن الذين احاطوا بادبياتها ووعوا خصوصيتها وحملوا مسؤولياتهم بامانة وصدق وحرفية عز مثيلها.
النابلسي الذي استهل حياته معلما والتحق بجامعة دمشق ليحصل على درجة جامعية في اللغة الانجليزية وضع ملكاته النقدية وقدرته الفائقة على التحليل في خدمة السياسة الاردنية لاكثر من ستة عقود وفي مفاصل تاريخية حرجة. فقد درس الواقع وقدم التصورات َودافع عن رأيه فحظي باحترام الحسين الذي اصطفاه ليكون على مقربة منه لعقود.
خلال الاعوام التي تلت اعفاءه من الادوار التي قام بها تفرغ ابو السعيد للكتابة والقراءة والمحاضرات وقد وجدت نفسي مشدودا الى تجربة الرجل فاصبحنا نلتقي من وقت لاخر ونتهاتف اكثر من مرة في الاسبوع نناقش بعض الافكار والقراءات ونتحدث في بعض القضايا َالافكار الفلسفية التي لا تتسع مجالس النميمة والمسابرة لها.
في اللقاء الذي نظمته مؤسسة عبدالحميد شومان حول مسيرة عدنان ابو عودة وتحدث هو عن رحلته والظروف التي شكلت وصاغت وصقلت تجربته قدم ابو السعيد صورة واضحة وناصعة وبريئة لنشأته وحياته الاسرية والمهنية واسهاماته بصورة فيها من الصدق والشفافية والجرأة الكثير مما لم نعهده في ساستنا ومفكرينا وابناء ثقافتنا.
عدنان ابو عودة عاش نظيفا كريما حرا وصادقا وعمل في السياسة والفكر تطربه الفكرة ويمسك على شغف المعرفة لم يتورط يوما في صفقة تجارية ولم يتاجر في اسهم او يحصل على عطاء تنفيذ طرق... فقد كان يقود سيارته بنفسه وبقي مقيما في بيت متواضع عند اشارات مدخل صويلح..
لم يخطر ببال عدنان ابو عودة ان يزج ابناءه في وزارة الخارجية او في الموسسات والهيئات المستقلة التي اعتبرها الكثير من اقرانه استحقاق لهم ولذريتهم... فحسبه انه يفكر ويتحمس لفكره ويطمئن من وقت لاخر على مسيرة الابناء الذين مضوا كل في طريق