2025-12-13 - السبت
هيئة الاعتماد وضمان الجودة تعقد دورة لتمكين أعضاء هيئة التدريس في مجال الجودة nayrouz جماعة عمّان لحوارات المستقبل تطلق مبادرة السياحة العلاجية كرافعة للاقتصاد الوطني الأردني...صور nayrouz الوساطة تتسع: أردوغان يدخل ترمب على خط السلام ويخطط لبحث خطة أوكرانيا nayrouz "الشؤون السياسية" تطلق "ملتقى الشباب والتحديث" nayrouz علي علوان يتصدر هدافي المنتخبات المتأهلة لنصف نهائي كأس العرب nayrouz برعاية أمير المنطقة الشرقية .. انطلاق سباق الشرقية الدولي 27 وسط مشاركة قياسية وحضور دولي واسع nayrouz 386 شهيدا منذ وقف إطلاق النار في غزة nayrouz حملات نظافة شاملة لمجلس الخدمات المشتركة في عجلون للحفاظ على البيئة وسلامة الطرق...صور nayrouz جامعة الزرقاء تشارك في المؤتمر العلمي الدولي التخصصي الثالث لاضطراب طيف التوحد nayrouz لماذا ينصح بتناول فيتامين B12 صباحا على معدة فارغة؟ nayrouz ما هي مسؤولية وزير الصناعة عن وفاة 9 أشخاص بسبب الشموسة ؟ nayrouz السفير الأمريكي يزور مواقع سياحية في مادبا...صور nayrouz المنخفض الجوي يعمق الكارثة الإنسانية في قطاع غزة nayrouz "الخارجية النيابية" تدين بشدة اقتحام مقر "الأونروا" في الشيخ جراح nayrouz المجالي: فورمولا ومتاحف طيران ونادي رماية أولمبي قريبا في العقبة nayrouz 87.1 دينار سعر الذهب عيار 21 بالسوق المحلية nayrouz وفاة الشاب محمود عمر العمري إثر حادث مؤسف nayrouz من هي (الشموسة) التي قتلت 9 أشخاص في الأردن؟ ومن أدخلها إلى البلاد؟ nayrouz مكاسب مالية ضخمة تضمنها الكرة الأردنية بوصولها للمربع الذهبي nayrouz إربد الكبرى تنشئ خط تصريف لمياه الأمطار في شارع البطاينة...صور nayrouz
وفيات الأردن ليوم السبت 13 كانون الأول 2025 nayrouz المركز الجغرافي الملكي الأردني ينعى فقيده الشاب محمد النجار وعائلته nayrouz وفاة الزميل الصحفي بسام الياسين nayrouz محمود محمد الحوري " ابو اشرف" في ذمة الله nayrouz عزاء عائلة النجار...إثر حادث أليم ناتج عن تسرّب غاز المدفأة. nayrouz وفيات الأردن ليوم الجمعة 12 كانون الأول 2025 nayrouz الخريشا تنعى وفاة شقيقة عطوفة الدكتور نواف العقيل العجارمة nayrouz الزبن ينعى وفاة شقيقة الدكتور نواف العجارمة nayrouz وفاة الطفل فيصل الدروبي… غصّة في القلوب nayrouz شقيقة الوزير الاسبق نوفان العجارمة وأمين عام التربية نواف في ذمة الله nayrouz وفاة الحاج عيد عبدالله الفلاح العبداللات nayrouz أحمد عاصم الحنيطي ينعي وفاة السيدة هالة الجيطان أرملة اللواء الراحل سليم الصابر nayrouz وفاة الشاب امجد سالم عايد الرحامنه إثر حادث سير مؤسف nayrouz الحاج فلاح الربابعة في ذمة الله nayrouz عبدالله مذهان الدهامشة "ابو حكم" في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن اليوم الخميس 11 كانون الأول 2025 nayrouz وفاة المهندس مصعب بدر السعايده إثر حادث سير مؤسف في جدة nayrouz وفاة الحاج محمد أحمد أبو جعفر السواركه nayrouz شكر على التعازي بوفاة الحاج أحمد مفضي قطيش nayrouz وفاة المختار ابراهيم طايل الحبر الحماد "ابو مصعب' nayrouz

بين العتبات النّصيّة والدّلالات الاجتماعيّة:في «أصغر من رجل بعوضة» للكاتب حسن البطران

{clean_title}
نيروز الإخبارية :

أ.د. درية فرحات - الجامعة اللّبنانيّة:

تهتمّ الدّراسات السّيميائيّة بمجموع النّصوص التي تحيط بمتن الكتاب من جميع جوانبه: حواش وهوامش وعناوين رئيسة وأخرى فرعيّة وفهارس ومقدمات وخاتمة وغيرها من بيانات النّشر المعروفة التي تشكّل في الوقت ذاته نظامًا إشاريًّا ومعرفيًّا لا يقلّ أهمية عن المتن الذي يحيط به، بل إنّه يؤدّي دورًا مهمًّا في نوعية القراءة وتوجيهها، وانطلاقًا من ذلك فإنّ قارئ المجموعة القصصيّة «أصغر من رجل بعوضة» للقاص السّعوديّ حسن البطران، الصّادرة عن لوتس للنّشر والتّوزيع القاهرة مصر 2022، ستلفت انتباهه العتبات النّصيّة المتعدّدة.

وأوّل هذه العتبات العنوان الذي يعدّ من أهم النّصوص الموازية للنّص إذ أنّه أوّل ما يصافح بصر وسمع المتلقي، وهو المفتاح الذي ستُفتح به مغاليق النّص، العنوان مفتاح أساسي يتسلّح به المحلّل للولوج إلى أغوار النّص العميقة قصد استنطاقها وتأويلها. وعنوان المجموعة «أصغر من رجل بعوضة» يحقّق وظائف العنوان التي ذكرها جيرار جينت.

ويمكن القول إنّ عنوان هذه المجموعة يحقّق الوظيفة الإغرائيّة فيوحي بأشياء عديدة ويغري المتلقي بالقراءة، ويدفعه إلى التّساؤل، ما سبب اختيار هذا العنوان، وما المقصود بأصغر من رجل بعوضة، وهل هو عنوان مرتبط بمضمون قصّة، أو أنّ حسن البطران يُشير من خلالها إلى دلالة معيّنة.

إنّ التّبحر في هذا العنوان جعلنا نغوص في بعض العتبات الأخرى ومنها ما له علاقة بالعناوين الفرعيّة، فيلفتنا ما أورده الكاتب من عبارات ممهدّة وعناوين فرعية.

وهذه العناوين الفرعية توحي لنا بتقسيم المجموعة إلى أقسام ثلاثة، أوّلها ينطلق من عنوان «ونبدأ بملاحقة البعوضة»، ويندرج ضمن هذا القسم ثلاثة عشر جزءًا، في كلّ منها ثلاث قصص، ويجعل القسم الثاني تحت عنوان «وتزداد أرجل البعوضة طولًا»، وفيه ثلاث قصص فقط، أمّا القسم الأخير فعنونه باسم «وتتقلّص أرجل البعوضة»، ويضمّ جزأين في كلّ منهما ثلاث قصص.

وتقصّي ما يهدف إليه الكاتب، قد يقودنا إلى احتمالات نربطها بطبيعة القصّة وحجمها الذي اعتمده الكاتب في نتاجه الإبداعي الجديد، فنلاحظ أنّه كان يميل إلى تقليص حجم قصّته فتصل إلى كلمات محدودة العدد، ولعلّ الكاتب أراد أن يوحي للمتلقي أنّ قصّته ستكون أصغر من رجل البعوضة، وعندما طالت قصّته قليلا أشار إلى ازدياد أرجل البعوضة، ليعود لاحقًا إلى القصر، ومن هنا كانت الإشارة إلى ملاحقة البعوضة، فأتي البطران في قصّته الأولى على البعوضة صراحة:

سترت جسدها خوفًا من البعوضة،

صُفق لها في حفل مُصغر!!..

أمّا لماذا البعوضة؟! ربما يعود ذلك إلى حجمها الصّغير جدًّا، لكنّ لها تأثيرًا قويًّا ونتائج قد تكون مؤلمّة أحيانًا، على الرّغم من عدم رؤيتها بشكل واضح، فهي تؤدي عملها بشكل سريع وخفي.

إنّها مقارنة فيها من المفارقة تكسب النّصوص سمة السخريّة التي تجعل الخطاب في المفارقة يتمتع بجانب من التّسلية والطّرافة والدّعابة، وقد توظّف السّخريّة المفارقة لنقد الواقع، والحطّ منه ما دام هذا الواقع يرتكن إلى مفاهيم الغرابة والفوضى والعبث.

وقبل أن نرى مضامين قصصه التي فيها نقد للواقع، يلفت المتلقي العبارات التي مهّد بها الكاتب مجموعته، فنراه يقتبس من شيخ الصّوفيّة (النفري) عبارته المشهورة «كلّما اتّسعت الرّؤية ضاقت العبارة»، التي أصبحت مدخلًا من مداخل الحداثة الشّعريّة، ومن التأويلات لهذه العبارة بأنّ الرؤية دائمًا رحبة متسعة لا تحدها حدود، بينما الكلمات قاصرة عن الإحاطة بالمعاني والأسرار، وعليه فإن الكلمات غطاء للحقيقة وستر لها. وينقل البطران هذه العبارة بتحوير بسيط فيها فيقول «»كلّما ضاقت العبارة اتّسع المعنى»، وربطًا بما وصلنا إليه في إيحاء العنوان، فإنّ الكاتب يؤكّد هنا مبدأ مهمًّا من مبادئ كتابة القصّة القصيرة جدًّا وهو مسألة التّكثيف الذي يعتمد الإيجاز والتّخلّص من الزّوائد في الجمل والكلمات، وإذابة مختلف العناصر والمكوّنات المتناقضة والمتباينة والمتشابهة وجعلها في كلّ واحد، أو بؤرة واحدة تلمع كالبرق الخاطف، فإذا قرأنا قول الكاتب:

فُتح كتابه..

سقط مغشيًا عليه!

اعتمد الكاتب التّكثيف على مستوى اللّغة في التّركيب والجملة، وطريقة تناوله الفكرة، ففيها أبعاد دلاليّة، توحي بخوف الإنسان من ماضيه، ولعلّه ماضٍ فيه الكثير من الآلام أو الهفوات أو المعايب التي يحاول الإنسان سترها وإخفائها، وفي ذلك إشارة إلى قضية اجتماعيّة ترتبط بتفاعل الفرد مع مجتمعه، وفي قصة فراغ يقول:

حرث الأرض وأشبعها بالرّيّ،

لم تنبت زرعًا..!

ففي هذه القصّة إشارة إلى ضياع قيمة الجهد المبذول، من دون الإشارة إلى الأسباب المؤديّة إلى ذلك، فالتّكثيف في اختيار الفكرة والمحافظة على حرارة الموضوع وجدّته، وهنا يكون للمتلقي الدّور التّشاركيّ في النّصّ الذي يشير إلى واقع اجتماعيّ نعيشه ونتلمسّه دائمًا، وقد تشير إلى بطلان جهده الذي يقدّمه ربما لأنّه في غير محلّة.

وفي العودة إلى العبارات الممهدة التي أشار إليها البطران، نجده يذكر الآيتين من سورة المسد {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}، وبعيدًا من تفسير هاتين الآيتين قد نرى أنّ فيهما إشارة إلى أبعاد العلاقات الاجتماعيّة الشّائكة التي تمرّ فيها المجتمعات، ومواجهة الخير بالشّر، وقد تحملنا هذه الإشارة إلى الدّور السلبيّ الذي قد تؤدّيه المرأة في المجتمع، وإذا جلنا في مضامين قصصه سنجد أنّه تطرّق للعديد من القضايا الاجتماعيّة التي سنشير إلى بعضها من باب تقديم المثال على ذلك لا حصرها:

ارتدى ثوبًا ليستر عورته.

أُغلق عليه الباب،

هي محاولة لستر العيوب، وقد تكون عيوبًا شخصيّة، أو عيوبًا خلقيّة، فيحتاج إلى غطاء كبير لسترها، وربما يؤدّي هذا إلى عزله عن الجموع، وفي قصّة أخرى يقول:

يعمل على إزالة أدران يعتقد أنّها تستقرّ في داخله،

يصطدم بكثير من الضّعفاء..

يستمرّ في غسيل الأوساخ من ثيابه..!

فالعمل ضروري لإزالة الأدران، وتطهير النّفس مما يعلق فيها من عاهات، وتظهر إشارة الكاتب إلى الضّعف البشري الذي يعتري الإنسان فيكفّ عن التّطهير الدّاخلي، وعمل على تلميع الصّورة الخارجيّة، فكان التّلميح عبر التّضاد بين أدران الدّاخل وأوساخ الثّياب، إشارة واضحة إلى المعنى المراد، وما على المتلقي إلّا تتبع الدّلالات السّيميائيّة للكلمات المعبّر عنها. وفي قصّة «غفوة» يقدّم البطران علاقة تُبنى على المنفعة، فيقول:

تبخّر حلمها..

أقيمت صلاة المغرب، لم ترتدِ العباءة ولم تتوضأ..!

برزت بوضوح الإشارات السّيميائيّة الدّالة على القداسة: صلاة/ المغرب/ تتوضأ، لكنّ تنتفي وتزول مع تبخّر الحلم، وقد نلمح فيها إشارة إلى الخيبات التي ترافق الإنسان في حياته، فتدفعه إلى المقايضة في أموره الحياتيّة.

ويقدّم الكاتب نقدًا اجتماعيًّا فيه ملمح سياسيّ لكلّ من يتولّى القيادة ويغفل عن تقديم حماية الآخرين فتكون النّتيجة ترك الغنيمة للذّئاب تنهش فيها وتنعم بالتّلذّذ بها:

غفل عنه الملك،

مزّقت الذّئاب بطون الغنم..

ويتناص الكاتب في قصّته هذه مع الشّاعر عمر أبو ريشة في قوله:

لا يُلامُ الذّئب في عدوانِه

إن يكُ الرَّاعي عدوَّ الغنم

وفي قصّة «ثقة مخرومة» يتطرّق الكاتب أيضًا لفكرة قريبة من ذلك، محاولًا الإشارة إلى فساد المجتمع بفساد مسؤوليه:

أُعطي الثقة وسلمت له المفاتيح، أفرغ الخزينة وأملؤها بالونات!..

حينما هبط النّسر، ارتجف من أعطى الثّقة، اختلّ توازنه، بدأ يبحث عن تغليفات للهدايا تمويهًا عن مخالب النّسر..!

ويهتمّ الكاتب بعرض قضايا اجتماعيّة معقدّة الجوانب، أو لا يعلن عنها المجتمع بشكل صريح ومنها سفاح القربى، وتبدو المفارقة واضحة في القصّة، مستندًا إلى قضية أعمق وفيها صحّة النّسب، واللافت أنّ الكاتب يترك للمتلقي أن يكشف المسكوت عنه في هذه القصّة:

أخبره طبيب الأسرة؛

أن زيادة حجم بطن ابنته هو بريء منه ،وأنه ليس أبًا لها علميًا..!

وتتعدّد القصص التي فيها إشارة أيضًا إلى مسألة الشّرف، ويقدّمها الكاتب بجرأة على الرّغم مما فيها من إشارات إلى مواقف اجتماعيّة مرفوضة، أو تشير إلى علاقات مشبوهة، وفيها طعن في العرض والشّرف:

رماه في عرضه...

فأعطاه تنهدّات أمّه قبل عشرين سنة، وأيضًا صراخها

ذات الآهات الحمراء قبل عشرين يومًا..!

ويوسّع البطران في قضاياه، ويتناول فكرة التابو أو المحرّم التي تظلّ تلاحق الفرد في مجتمعه، فيردُ في قصّة «محاولات»:

يحاول أن يقفز بعيدًا عن الجدار، رأى بنت الجيران في حلمه، خاف أن يراه أحد وهو يحلم بها!..

فالخوف من إعلان المشاعر يلاحق الفتى حتّى في أحلامه، فلا يحقّ له أن يعلن محبّته لفتاة الجيران التي رآها، لهذا يكون مصيره مؤلمًا. ومن التابو أيضًا تقديم النّقد اللاذع، وتتعدّد القضايا الاجتماعيّة التي يشير إليها الكاتب حسن البطران في مجموعته هذه، ويستطيع أن يلقي الضّوء على علاقة الرّجل بالمرأة بما فيها من علاقات مشروعة أو مشبوهة، ويُشير إلى العلاقات الإنسانيّة المتعدّدة. وعود على بدء، وإلى أهمية العتبات النّصيّة، اللافت أنّ الكاتب في عتبة نصيّة وردت ضمن العبارات في بداية المجموعة يقول «لا تقرأني من خلال حروف إبداعي»، وكأنه يؤكّد لنا أنّه لا يكتب علاقاته الذّاتيّة، إنّما هو يتحدّث عن واقع مجتمعيّ فيه الكثير من المشاكل الاجتماعيّة، ويشير البطران أيضًا في عتبة أخرى «لا يُكتب الإبداع على قراطيس للترف!!..»، وفي ذلك إشارة إلى أهمية ما يكتبه، وأنّ النّتاج الإبداعي يهدف إلى عرض القضايا وإلقاء الضّوء عليها، فهي ليست زينة وترف اجتماعيّ.

وفي الختام يقول الكاتب «لن نتوقف من ملاحقة البعوضة وإن انتقلت إلى مكان آخر..»، وقد أجاد البطران في إثارة القضايا العديدة من خلال قوله، فهل البعوضة هنا هي القضايا القابلة للجدل في المجتمع، أو يعيدنا إلى رمزية البعوضة التي فهمنا منها أنّها ترتبط بمسألة التّكثيف في القصّة القصيرة جدًّا، وبما له علاقة بحجم القصة.

وما يمكننا في ختام هذه القراءة لمجموعة «اصغر من رجل بعوضة»، أن نقول إنّ القاص حسن البطران استطاع توظيف العتبات النّصيّة، وربطها بمحتوى القصص، واعتمد التّكثيف من خلال الجمل القصيرة المركزة الموحية، وعبر شحن الجملة القصصيّة بالصورة الفنيّة الجميلة، واختزال الحدث القصصيّ، والتّركيز المكاني والزّماني، مع الاهتمام بنهاية القصّة التي تبرز فيها المفارقة مع الاعتماد على تقنيّات القصّ من الرّمز والتّناص والانزياح.