قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز إن الإصلاح السياسي يأتي بالتدرج لارتباطه بالثقافة السياسية داخل المجتمع ومدى انحياز أفراده للمصلحة العامة وإعلاء شأن الهوية الوطنية على حساب الهوية الفرعية.
ودعا خلال ندوة بعنوان "الأردن ... ما الذي نحتاجه اليوم" ضمن برنامج "على طاولة الذاكرة" الذي تنفذه مؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير، وأدارها نائب رئيس مجلس أمنائها النائب عمر العياصرة، إلى قدسية الوقوف صفا واحدا وجدارا منيعا للحفاظ على استقرار الوطن ومستقبل أبنائه.
وقال خلال ندوة حضرها عدد من السياسيين والأكاديميين، إن الانخراط بالعمل الحزبي يعيقه الضعف في الاستقرار الوظيفي والمعيشي الذي هو أولوية لدى المواطن، مؤكدا أن حل مشكلة البطالة هو الأساس لأي إصلاح سياسي يتطلب مسبقا أن يكون الأفراد على قدر من العيش الكريم لكي ينتجوا عملا سياسيا سليما.
وأشار الفايز إلى الصعوبات الكبيرة جدا التي يواجهها الأردن مع بدء الألفية الحالية خصوصا بعد الحرب على العراق والأزمات المالية ثم تبعها الربيع العربي ثم جائحة كورونا وأخيرا الحرب على أوكرانيا، ما أدت في مجملها إلى تعريض الاقتصاد الأردني إلى ضربات قوية.
ووصف هذه الأوضاع التي تمر بها البلاد بأنها أشبه بالأزمات التي عاشها الأردن منتصف القرن الماضي. وقال "لم تعش المملكة أزمة كما تعيشه اليوم رغم أنها أدمنت الأزمات مبكرا".
وعرض الفايز في حديثه إلى بناء الملك عبدالله الأول للمؤسسات الأولى للدولة وما واجهه من صعوبات في ظل الانتداب البريطاني، وكذلك بناء المؤسسة العسكرية رغم الضغوطات والعقبات، مؤكدا أن المحافظة على الأجيال القادمة لا يعني الصمت على الفتن والمؤامرات، لأن ذلك خذلان للأجيال وحياتهم وأمنهم.
وأوضح أن قوة الدولة الأردنية كانت في الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي والدفاع عن القيادة والاستثمار بالتعليم والصحة اللذين شهدا تراجعا واضحا هذه الأيام.
ولفت النظر إلى أن محدودية موارد الدولة هي السبب الذي جعل الأردن معتمدا على المساعدات الخارجية، وهو اعتماد غير صحي ولا يجوز استمراره، وهناك مشاريع كبرى يمكن تنفيذها في مجال الإنتاج والأمن الغذائي لا سيما استغلال مناطق وادي عربة والبادية الشرقية وتوفير المياه لها من خلال الحصاد المائي.
وأضاف أن هناك هدرا كبيرا في المياه على الأرض الأردنية، لأن كميات كبيرة من المياه السطحية تذهب دون الاستفادة منها، مشيرا إلى ضعف واضح في مجال الحصاد المائي ولا يجوز أن يستمر.
وتحدث عن الترهل الإداري في بعض المؤسسات بصورة تؤدي إلى تعطيل المعاملات وسوء في الخدمات.
وقال "كنا نفخر بالبيروقراطية الأردنية، لكننا اليوم في أزمة إدارية"، داعيا إلى رفع مستوى الثقافة المجتمعية والوعي لدى الأفراد، بدءا بالمناهج وبطرق التوعية الصحيحة لتنشئة أفراد ذوي مسؤولية في تأدية أعمالهم ووظائفهم على أكمل وجه.
وأشار إلى سلوكيات فردية محدودة ترفض سيادة القانون وتثير المشاكل تحت غطاءات اجتماعية، داعيا إلى الحفاظ على تماسك الأسرة الأردنية واستقرارها لأنها قاعدة أساسية نحو المجتمع السليم.
وقال الفايز إن الدولة القوية هي التي تملك الإعلام القوي لأنه ذراعها المتين الذي يدافع عنها ويساندها في مواقفها وبرامجها، داعيا إلى دعم الصحف لأن الإعلام تتجاوز أهميته مسألة البيع والخسارة باعتباره السلاح الأقوى في العصر الحديث، وشاهد ذلك ما يحدث في الأزمة الأوكرانية.
وفي نهاية اللقاء، دار نقاش بشأن طرق معالجة مختلف قضايا الشأن العام الأردني.