تساءل مايكل أوهانلون، مدير أبحاث السياسة الخارجية، بمؤسسة بروكنجز الأمريكية: هل يمكن أن تستمر الحرب في أوكرانيا لسنوات؟
وفي مقال له بمجلة "ناشيونال إنترست" أشار أوهانلون إلى أن الحرب في أوكرانيا التي دخلت شهرها الخامس تسير بوتيرة بطيئة، دون أي نهاية تلوح في الأفق.
وأشار إلى أن أوكرانيا لا تزال تأمل في استعادة 20 بالمائة من أراضيها التي سيطرت عليها روسيا، بما في ذلك جزيرة القرم التي سيطرت عليها موسكو عام 2014، لكن هذا أمرا غير متوقع عسكريا، ومن المرجح أن يمتد لشهور وربما لسنوات كثيرة من القتال.
وألمح إلى أن رغبة بعض المسؤولين الغربيين في تزويد أوكرانيا بالموارد اللازمة للقتال قد يكون سليما أخلاقيا، لكنه محل شكوك استراتيجيا.
ورغم دقة صواريخ هيمارس في إصابة مستودعات ذخيرة ومراكز قيادة في الأراضي الخاضعة لسيطرة روسيا، لكن القوات الروسية تعرف كيفية تشويش الاتصالات وإسقاط الطائرات المسيرة، وهو ما يعرقل قدرة أوكرانيا على القيام بعمليات استطلاع لأرض المعركة. ومن المرجح أن تقوم روسيا بتوزيع مستودعات الإمداد في مناطق متفرقة، وتمويه الأسلحة بصورة أفضل على مدى الأسابيع والشهور القادمة.
ويرى أوهانلون أن مسار الحرب الروسية الأوكرانية تحمل أوجه شبه بالحرب الكبرى التي اندلعت في مطلع أغسطس/آب 1914 بقرار ألمانيا المرور عبر بلجيكا المحايدة، والوصول إلى باريس من شمال فرنسا في حركة اجتياح كبيرة من شأنها" الإبقاء على قوة الجناح الأيمن (الغربي)"، وقامت بقطع الطريق أمام القوات الفرنسية التي كانت مرابطة في أقصى الشرق في فرنسا، واستولت على العاصمة.
وبموجب خطة شليفن الألمانية كان المفترض أن يحدث ذلك في غضون 45 يوما حتى تستطيع ألمانيا نقل معظم القوات التي اجتاحت فرنسا على متن قطارات متجهة للشرق، واستغلالها لتعزيز قوات النمسا-المجر في قتاله مع روسيا.
وكادت الخطة أن تنجح لكن القوات الألمانية تباطأت أثناء تحركها جنوبا، واستعاد القادة الفرنسيون والبريطانيون حيويتهم وأعادوا تموضع قواتهم شمال باريس على طول مجرى نهر رئيسي- وفي مطلع سبتمبر/أيلول حدثت معجزة أعاقت التقدم الألماني. وأمضت أطراف النزاع فصل الخريف في تعزيز مواقعها وحفر الخنادق، والقيام بمختلف العمليات التكتيكية في بلجيكا.
وبحلول أواخر الخريف، تباطأت محاولاتهما للتقدم، واصبحت هناك مواجهة لتحصينات راسخة - في شبكة جواجز دفاعية امتدت مسافة 500 ميل تقريبا من بحر الشمال إلى جبال الألب السويسرية.
كانت تلك حالة الحرب بعد أربعة شهور من بدايتها، وهو وضع يشبه ما نشهده الآن بالنسبة للحرب الروسية الأوكرانية فيما يتعلق بالتوقيت.
وأشار التقرير إلى أنه حتى بعد عام 1914، ونتيجة لعدم الدقة في التكهنات السابقة بعودة القوات لأوطانها "قبل الخريف" كثف القادة جهودهم، للبحث عن سبل بسيطة نسبيا قد يؤدي فيها تكتيك ما جديد، أو نوع جديد من الأسلحة، أو هجوم سريع حيث لا يتوقع العدو أي عدوان ويقلل من حذره، إلى تغيير دفة القتال.
ولكن كل تلك الجهود باءت بالفشل في عام 1915 وحتى عام 1917.
وللأسف يبدو أن كييف وموسكو تعتقدان أن الأمور سوف تكون في صالحهما في نهاية المطاف، لكن التاريخ يشير إلى أن هناك احتمالا كبيرا للغاية بأن الطرفين سيكونان على خطأ إذا كانا يتوقعان أن يؤدي تغيير ماهر في الأساليب أو مساعدة من السماء إلى دفع الحرب نحو اتجاه حاسم في أي وقت قريب.