نيروز الإخبارية : مع اقتراب المعارك في أوكرانيا من سيناريو الحرب طويلة الأمد، تلوح دول الغرب بمواجهة أزمة جديدة لا تتعلق هذه المرة بالتداعيات الاقتصادية، بل ترتبط بطبيعة الإمدادات العسكرية المقدمة لأوكرانيا وحجم الأسلحة الموجودة في مخازن دول حلف الناتو.
ومؤخرا توالت التحذيرات من نقص مخزونات الدفاع الغربية، وضعف القدرة الإنتاجية لتعويض هذا النقص، خاصة فيما يتعلق بالأسلحة الأساسية التي تعتمد عليها أوكرانيا في الحرب.
وحذرت شركة "نورثروب غرومان" إحدى أكبر شركات الدفاع الأميركية، من قدرة مخزونات الأسلحة على خدمة قتال طويل الأجل، مطالبة الحكومات الغربية بتوضيح الموقف بشأن قدرة الصناعة على توفير الأسلحة في الحرب الأوكرانية.
واعتمدت الولايات المتحدة في وقت سابق على شركة نورثروب غرومان، في تزويد الجيش الأوكراني بذخيرة متوسطة الحجم ومدافع بوشماستر الأوتوماتيكية.
وأشارت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إلى أن الغرب يعاني نقصا في الأسلحة ما يؤثر على قدرته في إمداد أوكرانيا باحتياجاتها من السلاح، واستشهدت الصحيفة بطلب الولايات المتحدة من شركة "ريثيون" لتصنيع 1300 صاروخ من طراز "ستينغر" بدلا من الصواريخ المرسلة لأوكرانيا، حيث علقت الشركة بأن التصنيع يتطلب وقتا لا سيما أنه الطلب الأول منذ 18 سنة.
وتشابه رد شركة "نيكستر" الفرنسية الدفاعية مع الرد السابق، تعليقا على طلب الحكومة الفرنسية بتصنيع مدافع من نوع "هاوتزر قيصر" بعد إرسالها 18 مدفعا لأوكرانيا، وقالت الشركة إنها بحاجة لعام ونصف العام تقريبا لإتمام المهمة.
وأرجعت الصحيفة الأزمة إلى أن إنتاج حلف الناتو في السنوات الماضية، تركز على أنظمة وأسلحة متقدمة لا تتناسب مع الحرب الأوكرانية الراهنة.
تسليح أوكرانيا
منذ اللحظة الأولى للحرب، تعتمد القوات الأوكرانية على الدبابات والمركبات والمدافع وأنظمة الدفاع الجوي سوفييتية الصنع التي أرسلتها دول الغرب والولايات المتحدة من دول أوروبا الشرقية لكييف، حيث قدمت بولندا دبابات "تي - 72" السوفييتية، وأرسلت سلوفاكيا نظاما سوفييتيا صاروخيا مضادا للطائرات من طراز "إس - 300".
كما تسلمت كييف أسلحة غربية من الولايات المتحدة ودول أوروبا، من بينها مدافع "هاوتزر" وصواريخ "هيمارس" وصواريخ "جافلين" مضادة للدبابات وأخرى "ستينغر" مضادة للطائرات ومدرعات "ماستيف" ومروحيات هليكوبتر قتالية.
ورغم تنوع مصادر تسليح القوات الأوكرانية فإن الأسلحة السوفييتية تعد العمود الفقري لها لسهولة استخدامها مقارنة بالأسلحة الأميركية والغربية، ما يطرح تساؤلا حول حقيقة مواجهة الغرب مأزقا في إرسال مزيد من الأسلحة والذخيرة إلى أوكرانيا.
وردا على هذا السؤال، يرى جاسم محمد، الخبير في قضايا الأمن الدولي، في حديث لـ "سكاي نيوز عربية"، أن الأزمة تتعلق بعاملين، العامل الأول يتمثل في نوع الأسلحة المحدودة التي يستخدمها الجيش الأوكراني ضد روسيا مثل المدافع والدبابات والطائرات السوفييتية سابقا والتي تدرب عليها، لذا تبحث دول الغرب على أسلحة يسهل على القوات الأوكرانية استخدامها في المعارك دون تدريب.
بينما يرتبط العامل الآخر، بأن أغلب دول الغرب عند تقديمها المساعدات العسكرية لأوكرانيا، تحتفظ بمعدل معين من الأسلحة في المخازن حتى لا تتأثر احتياطاتها وقدراتها، وعلى سبيل المثال لدى ألمانيا والولايات المتحدة مخزون من الأسلحة في المخازن ولكن لا تقدمان الأسلحة لكييف منها، حفاظا على معدل القدرات القتالية على المستويين الوطني ومشاركتهما داخل الناتو، لذا تفضل الدولتان إجراء صفقات مع شركات تصنيع أسلحة.
ورغم تباطؤ الغرب في إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا أو التنويه بأزمة مرتقبة، يتوقع محمد استمرار تسليح الناتو لكييف بالإمدادات العسكرية لمراهنة دول الغرب وفي مقدمتها الولايات المتحدة على إطالة الحرب.
مناورة سياسية
من جانبه، يعتبر العميد سمير راغب، الخبير الاستراتيجي، أن الحديث عن معاناة الغرب من نقص السلاح يتناقض مع تحركاته قبل بدء الحرب، متسائلا كيف حذرت الاستخبارات الأميركية من اندلاع حرب روسية في أوكرانيا قبلها بشهور دون أن تكون مخازن الولايات المتحدة ودول الناتو مجهزة بالأسلحة.
ويوضح راغب في تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن إرسال أسلحة غير كافية أو متأخرة لأوكرانيا يرتبط فقط بتفاصيل التخصيص والنقل وليس بنقص المخزون، خاصة أن الغرب يرسل الأسلحة المستعملة في مخازنه ليعوضها فيما بعد بأسلحة جديدة، مؤكدا على قوة الناتو العسكرية لتلبية احتياجات دول صغيرة مثل أوكرانيا.
ويجد أن موقف الغرب بشأن تسليح أوكرانيا ما هو إلا "مماحكة سياسية" تحسبا للخطوة القادمة من روسيا، خاصة بعد تهديدها بالسلاح النووي أو الخروج بالصراع خارج حدود أوكرانيا في حال تصعيد الغرب من إمداداته العسكرية لكييف.
وبلغ حجم الإنفاق الدفاعي لحلف الناتو لعام 2021 نحو 1.1 تريليون دولار، بينما وصلت ميزانية الدفاع الروسية نحو 66 مليار دولار.