لا شك أنك تساءلت يوماً لماذا تكون أغلب طائرات الركاب حول العالم بيضاء اللون؟ وهل يمكن طلاء طائرة باللون الأسود أم لا؟
وللإجابة عن هذا السؤال، لا بد أن تعي أن معظم شركات الطيران في العالم تختار اللون الأبيض لطائراتها لعدة أسباب، على الرغم من وجود طائرات سوداء مثل الخطوط الجوية النيوزيلندية وأخرى رمادية اللون كطائرات الخطوط الملكية الأردنية، حتى إن هناك طائرات بنفسجية اللون وأخرى برتقالية، بحسب موقع "airliners"، إلا أنه يبقى اللون الأبيض الأكثر انتشاراً.
أما الأسباب فعديدة، منها أن هذا اللون يساعد في عدم ارتفاع درجة حرارة جسم الطائرة، كما يسهل عملية التفتيش عن أي شقوق أو خدوش على جسم الطائرة، بالإضافة إلى وجود مزايا تتعلق بالتكاليف الاقتصادية للطلاء باللون الأبيض، لذا غالباً ما تكون قيمة إعادة بيع الطائرات البيضاء تكون أعلى من تلك الملونة.
ووفقا لما نشره موقع "Science ABC"، إذا نظرت للطائرات التي تحلق على ارتفاع آلاف الأقدام عن الأرض، أو عندما تكون على وشك ركوب طائرة في أي مطار حول العالم، فستلاحظ أن الغالبية العظمى من الطائرات بيضاء.
ومن المؤكد أن هناك بعض العلامات والشعارات والأسماء أو الأعلام بألوان مختلفة، ولكن اللون الأساسي لكامل جسم الطائرة يبقى دائما هو الأبيض.
وفي تفاصيل بعض الأسباب التي تدفع لطلاء الطائرات بالأبيض نبدأ بالتالي:
ميزة درجة الحرارة
يعد اللون الأبيض من أفضل الألوان فيما يتعلق بانعكاس أشعة الشمس، حيث يعكس تقريبا كل الضوء الذي يقع عليه، على عكس الألوان الأخرى التي تمتص بعض الضوء، وبالتالي يحدث تراكم تدريجي لبعض الحرارة.
من ناحية أخرى، لا بد من الإشارة إلى أن تجنب التراكم التدريجي لدرجة الحرارة على جسم الطائرة لا يكون فقط أثناء التحليق جوا، ولكن أيضاً عندما تكون الطائرة متوقفة على المدرج، لأنها تستغرق وقتا أقل لتبرد بعد التوقف على أرض المطار في بيئة مشمسة ساخنة.
وفي الواقع، يكون أحد أهم أسباب استخدام الطلاء الأبيض لبعض الطائرات بغرض ضمان الحفاظ عليها سليمة هيكلياً.
الشقوق والخدوش
يتم التفتيش بشكل دوري ومنتظم على أي شقوق أو خدوش وأي شكل آخر من أشكال الضرر السطحي (لأغراض السلامة والأمان) في جسم الطائرة.
ويعتبر اللون الأبيض مثالياً لسهولة اكتشاف أي صدع على الأسطح، خاصة أن التشقق يكون دائما أكثر قتامة من الأبيض. ويبرز بالتالي اللون الأبيض أي علامات تآكل أو مناطق لتسرب النفط أو الزيوت بوضوح تام.
سهولة الرصد
أما في حالات الحوداث، فيصبح العثور على طائرة بيضاء على الفور أسهل من النواحي البصرية، خاصة إذا كانت عمليات البحث تجري ليلاً أو في عرض بحر أو محيط.
أسباب عملية
إلى ذلك، لا تقتصر كل الأسباب لطلاء الطائرات بالأبيض على الدوافع العلمية فقط، إذا جاز التعبير، إنما هناك أيضا عدد قليل من الأسباب العملية الأخرى التي لا يمكن تجاهلها، ومنها:
ارتفاع تكلفة الطلاء الملون
من الناحية المالية، يكلف طلاء جسم طائرة الكثير من المال والقوى العاملة والوقت، حيث يستغرق طلاء طائرة بوينغ إيرباص العادية في أي مكان ما بين يومين إلى أسبوع بحسب الميزانية المرصودة لهذا الإجراء.
بالإضافة إلى ذلك، قد يعني تراكم المزيد من طبقات الطلاء على جسم الطائرة المزيد من الوزن الكلي، وهو ما يترجم على الفور إلى ارتفاع في تكاليف التشغيل واستهلاك الوقود في الرحلات.
ولا شك أن كل شركات الطيران ترغب في تجنب زيادة تكاليف التشغيل دون طائل قدر الإمكان.
قيمة إعادة بيع أقل
ولأن الطائرة ذات الطلاء الأبيض تكون أقل كلفة في مصاريف التشغيل واستهلاك الوقود، فإنها تكون ذات قيمة إعادة بيع أعلى عن الطائرات ذات الطلاء الملون، حيث إن الأخيرة تستهلك وقودا أكثر وتتكلف أكثر في إعادة التجديد، في حين أن الهدف النهائي لشركات الطيران هو تقليل التكلفة إلى أقصى حد ممكن. علاوة على ذلك، فإن شركة الطيران ستقوم بإعادة طلاء الطائرة الملونة مجددا باللون الأبيض للاستفادة من كل الميزات المتعارف عليها، وبالتالي يتم خصم تكاليف الطلاء إلى اللون الأبيض من سعر الشراء.
الأبيض لا يتأثر
عندما تحلق الطائرة على ارتفاعات عالية، تتعرض بشكل تام ومتواصل لمختلف الظروف الجوية، لذلك يتضرر طلاء الطائرات الملون، وبالتالي تتطلب الكثير من تقنيات الطلاء الاحترافي للحفاظ على الجاذبية الجمالية، وتضطر بعض شركات الطيران إلى إعادة طلاء طائراتها الملونة لمرات متكررة أكثر من الطائرات البيضاء حتى لا تبدو كأنها قديمة ومتهالكة.
ومن ناحية أخرى، لا يتأثر طلاء الطائرات البيضاء بشكل كبير، حتى بعد بقائها في الظروف الجوية المختلفة لفترات طويلة.
لكل قاعدة استثناء
ويبقى الأبيض ملك الألوان في غالبية الطائرات، لكن لكل قاعدة استثناء فالطائرة الـ"كونكورد"، أسرع طائرة نقل ركاب في العالم، تمثل استثناء في كل الأحوال سواء في سرعتها أو تصميمها، وكذلك في نوع الطلاء حيث تم تطوير طلاء خاص لونه أبيض ناصع للغاية ويوفر قدرة انعاكس للضوء بدرجة عالية للحد من الحرارة.
فعند بلوغ الطائرة كونكورد سرعة 2 ماخ، أي ضعفي سرعة الصوت ما يعادل 2200 كيلومتر في الساعة، تتراوح درجة حرارة جسم الطائرة الخارجي، المصنوع أغلبه من ألمنيوم معالج بطريقة خاصة، ما بين 120 إلى 130 درجة مئوية.
وعلى عكس أي طائرة ركاب أخرى سواء بيضاء أو ملونة، تكون جدران مقصورة الركاب الداخلية دافئة.
كما يتم طلاء جسم الطائرة الخارجي مرة كل 3 سنوات، حيث إن درجة الحرارة المرتفعة بسبب السرعات العالية تؤدي إلى تمدد جسم الطائرة حوالي 30 سم أثناء التحليق، ولهذا من الضروري أن تكون مادة الطلاء مرنة بشكل استثنائي. العربية ...