عاش أبناء قومية الشبك في العراق منذ عدة قرون، وعرفوا بعادات وتقاليد خاصة ميّزتهم عن القوميات الأخرى، ويتمركز معظمهم في قرى سهل نينوى (شمالي البلاد)، وتختلف الآراء حول أصول هذه الأقلية، التي تتراوح أعدادها بين 250 و350 ألف نسمة، حسب تقديرات غير رسمية.
ويرى باحثون مختصون أن لغة الشبك منحدرة من لغة ماجو (وهي إحدى لهجات اللغة الكردية)، وتحتاج إلى أن تكون لغة مكتوبة لتأخذ مكانتها بين اللغات المعترف بها.
تاريخ تواجدهم
تختلف الروايات بشأن أصول الشبك وتاريخ وجودهم ولغتهم وديانتهم وأعدادهم، لكن المتفق عليه أنهم أحد مكونات العراق الأصيلة، التي تسكن في محافظة نينوى، حسب الإعلامي الشبكي محمد شريف.
ويضيف للجزيرة نت أن أقدم الروايات التاريخية تشير إلى وجودهم في العراق منذ أواخر العهد العباسي، وأشارت الوثائق العثمانية إليهم كجماعة مستقلة منذ القرن 16 الميلادي.
ويرجح الفنان والناشط عمار العزيز أن الشبك دخلوا العراق في القرن 18 الميلادي خلال الهجوم الثاني للقائد الإيراني "نادر شاه" وحصاره مدينة الموصل.
ويحدد الباحث والأكاديمي سعد سالم سلطان أماكن تواجد الشبك في مركز مدينة الموصل، وفي أقضية تلكيف والحمداني ونواحي برطلة وبعشيقة والنمرود والقرى التابعة لها، ضمن محافظة نينوى.
ويفيد الناشط والإعلامي يونس جلال الأغا بأن الشبك يتمركزون بين نهري دجلة والخازر وجبل النوران شمالا، وصولا إلى ناحية النمرود جنوبا، وينتشرون في أكثر من 65 قرية موزعة على 6 وحدات إدارية.
ويضيف للجزيرة نت أن الشبك مسلمون (من الشيعة والسنة)، وعرفوا بالتعايش وقبول الآخر، حيث عاشوا جنبا إلى جنب مع أبناء الديانات والطوائف الأخرى من المسيحية والإيزيدية والكاكائية، بحكم الصداقات والتعاملات التجارية الممتدة إلى مئات السنين، لافتا إلى أن طريقة البكتاشية الصوفية كان لها وجود كبير في السابق بينهم.
وحول تسمية الشبك يعتقد العزيز أنها أتت من اتفاقية الشاه (بمعنى الملك الفارسي) والبيك (بمعنى السيد التركي)، بعد إنهاء المشاكل بينهما، وأصبحت الاتفاقية باسم (الشاه والبيك)، ثم لفظت اختصارا (شبك).
ويشير العزيز في حديثه للجزيرة نت إلى أن الشبك كانوا يسمون أيضا "الكمبهية" أو "الكمبيين"، أي أصحاب القبب، حيث كان طراز منازلهم يُبنى على شكل قبب، أو كمبة كما يسميها الشبك.
في حين يرجع رئيس مجلس وجهاء الشبك الشيخ عباس حسين آغا سبب هذه التسمية إلى أن الشبك عدة عشائر يتكلمون اللهجة الشبكية، وهذه العشائر تشابكت وأصبح اسمها الشبك.
ثقافات وعادات
عادات وتقاليد الشبك قد لا تختلف كثيرا عن باقي المسلمين والعشائر العربية في المنطقة، منها مجالس العزاء وحفلات الزواج وتقاليده وغيرها من العادات، كما يقول حسين آغا.
ويضيف للجزيرة نت أن بعض عشائر المنطقة تسمى باجلانستان والأخرى شبكستان، وتشترك في نفس العادات والتقاليد المجتمعية.
وفي السياق ذاته، يلفت العزيز إلى أن ثقافة الشبك تأثرت بالعرب الموجودين في الموصل والكرد الموجودين في إقليم كردستان بحكم منطقتهم الفاصلة بين القوميتين في سهل نينوى.
لكن الشبك لهم خصوصيات معينة تتعلق ببعض العادات والتقاليد والفلكلور وعلاقة الفرد بالعائلة؛ فالمرأة أو الفتاة -على سبيل المثال- لها مكانة خاصة في المجتمع، حسب العزيز.
وبالعودة إلى شريف، فإنه يقول إن ما يميز الشبك هو الزي القديم المختلف عن أزياء القوميات الأخرى، لكن هذا اللباس القديم اندثر مع مرور الوقت.
ويبيّن شريف أن الزي الشبكي سابقا كان عبارة عن دشداشة (ثوب طويل) بيضاء قصيرة قليلا عن المعروفة حاليا، والدمير (يشبه السترة) المفصّل بطراز مميز، ولهم عمامة "قلنسوة" بيضاء، وتختلف حسب الشخص، حيث كان الثري يلبس ملابس غالية مستوردة من الهند وغيرها.
وينوه إلى أن أتباع طريقة البكتاشية (إحدى الطرق الصوفية) من الشبك كانوا يقدمون النذور في رأس العام، طلبا لمغفرة الله، وهذه العادة كانت موجودة قبل أكثر من 50 عاما، ولكنها اندثرت الآن. الجزيره ...