نصحت القاصة الدكتورة مرام أبو النادي الشباب أن يبحثوا عن ذاتهم من خلال فنون النثر، وتحديدًا القصّة القصيرة والقصّة القصيرة جدًّا، وقالت في محاضرة استضافها فيها اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين إنّ الضوابط العامة في بناء القصّة وعناصرها الرئيسية مهمّة، ولكنّها لا تنفي التحليق في فضاء الإبداع.
وتحدثت أبو النادي، في المحاضرة التي أدارها رئيس اتحاد الكتاب الشاعر عليان العدوان بحضور جمع من المثقفين والكتاب والإعلاميين والطلبة الجامعيين، عن مدارس الكتابة بين الأمس واليوم، ابتداءً من الواقعيّة إلى المدارس الحديثة، مؤكّدةً تسامحها مع كلّ الأساليب في الكتابة.
واعتبرت أبو النادي الرواية عالمًا أطول له شخوصه وأحداثه وروابطه، متناولةً التصوّر المسبق للكاتب في أفكاره وتهيئتها والسير بها بطريقة جاذبة ومشوّقة تعتمد الدهشة والانزياحات النفسيّة والمفارقات وكسر التوقّع وتوصيل الرسالة التي تدور في ذهن الكاتب ويضطلع بها من خلال أيّ جنس من الأجناس الأدبيّة التي يجد نفسه فيها.
وأعرب متحدثون عن احترامهم لمحاضرة القاصّة أبو النادي، وتسلسلها في بدايات القصّة وحضورها في الأدب العربيّ القديم والحديث وكذلك حضورها في الأدب الأجنبي، متمثّلةً بقصص من إبداعاتها الجديدة، خصوصًا وقد احتفى الوسط الثقافي سابقًا بمجموعتها القصصية "كرمة النديم".
ورأت أبو النادي أنّ لغة القصّة والحبكة وعناصر الزمان والمكان والشخوص والأحداث والحلّ عناصر ضرورية لأي كاتب، وإن كان المجال مفتوحًا لأيّ نوع من الكتابة، خصوصًا أمام إشكاليّة التجنيس الأدبي لكثير من نصوص الكتاب، وتحديدًا الشباب.
وتناولت أبو النادي مواضيع الرمزية في القصّة القصيرة ودرجة التكثيف الشديد في القصّة القصيرة جدًّا وبصمة الكتاب في ذلك، مُقارِنةً بين السرد في القصّة والرواية في أزمان سابقة والسرد اليوم، من خلال أعمال الكاتب المصري نجيب محفوظ وغيره من الكتّاب.
ومن قصصها قرأت أبو النادي عددًا من نصوصها، التي تناولت قضايا إنسانيّة وذاتيّة أثّرت في الحضور النخبوي والأكاديمي، بما تضمنته من أفكار حملتها لغة سهلة ومعبّرة نحو فضاءات أوسع للتفكير حيال يوميّاتنا وانفعالاتنا ونظرتنا للحياة والآخر والذّات.
كما تحدثت أبو النادي عن تقنيات القصّة في الحوار والقفلة والنهايات المفتوحة وما إلى ذلك، مؤكّدةً دور النقد في النفاذ إلى أعماق النصوص وتأويلها ونشرها، مجيبةً عن أسئلة الحضور في لغة القصّ بين التعقيد والبساطة وظلال هذه اللغة في التأويل ومساحات القراءة النقدية.
وأشاد الجمهور بالمحاضرة التي رأوا أنّها لم تكن مجرّد محاضرة حول القصّة القصيرة وفنون النثر القديمة والحديثة، ولم تكن لتتغطى برداء الأكاديميين عادةً الذين لا يسمحون لغيرهم أن يتحدث في إطار تعليمات الكتابة والوقوف عند زمن معيّن فيها.
وقالوا إنّ المحاضرة حملت قناعة الكاتبة القاصّة والناقدة الدكتورة مرام أبو النادي ورأيها وإنسانيّتها وتسامحها مع كلّ أجيال الكتابة واحترامها في الوقت ذاته لضوبط عامّة في مرتكزات القصّة القصيرة والقصّة القصيرة جدًا والرواية، كضوابط نشأنا عليها جميعًا وتحتاجها المواهب والنشء للسير في ظلالها والتغريد في فضائها،.. إذ كان جوّ النقاش متميّزًا بنكهة قبول الرأي الآخر والتعبير بمحبّة عن فرص ضائعة لدى كثيرين في عالم الكتابة.
الدكتورة مرام أبو النادي، الأستاذة في قسم العلوم التربوية بكلية الآداب والعلوم بجامعة البترا، احتشد حولها كثيرٌ من الأدباء والأكاديميين والطلبة والمثقفين، وكانت ثقافتها العربية والأجنبيّة وقراءاتها حاضرةً في التمثّل بشواهد من الأدب الأجنبي والاختزال في فنون القصّة التقليدية والحديثة، أمّا تخصصها كأستاذة في إدارة العلوم التربوية، وعضو في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين وصاحبة مبادرات شبابيّة وإنسانيّة متعددة، وكرئيسة للجنة الإبداع الشبابي في اتحاد الكتاب لسنوات ماضية،.. فقد كان حاضرًا في مهارات الردّ وحسن التأتي والتخلّص، وحتى عدم الانفعال أمام إحراج أسئلة ربما تكون بعيدة عن موضوع المحاضرة، بل لقد كانت الدكتورة مرام مؤمنةً بأنّ ما ينفع المبدعين يجب أن يتمّ الاهتمام به وفتح صفحة النقد بشأنه، وتعميم ذلك على محبي الأدب والهُواة والمؤلفة قلوبهم على طريق الكتابة.