يعد الشيخ "حمد بن جازي" من أشهر قضاة قبيلة "الحويطات" بشكل خاص والقبائل العربية والبدوية بشكل عام، وقد أجمعت القبائل البدوية على أنه شيخ القضاء البدوي في الأردن، وصاحب الفضل في تطوير القضاء البدوي وإحداث تشريعات متطورة في قضاء (القلطة).
وخلال حياته كان قاضي القلطة الوحيد في قبيلة الحويطات، وقاضي القلطة هو أعلى مرجع قضائي لدى القبيلة، وله صلاحية تعديل السوادي (العادات)، وهو المشرّع المعتمد، ويأخذ قضاة القبائل بعامة بتشريعه.
ومن هنا، يكمن مدى أهمية وخطورة القرار الذي يصدره وتأثيره على المجتمع البدوي، فبذلك يكون الشيخ "حمد بن جازي" المشرّع الأول لمبادئ قضاة (القلطة)، يسير عليها القضاة الآخرون، ويصبح المبدأ الذي يضعه (سوادي) عند البدو، ويعبر البدو عن ذلك بقولهم: "إن هدم رسم ما حدا يبنيه، وان بنى رسم ما حدا يهدمه"، والحكم الذي يصدره في قضية (ما) يعتبر.
من السوابق القضائية لقضايا تحدث فيما بعد، والتي تكون مماثلة للقضية التي أصدر الشيخ "حمد" فيها حكمه، فيأخذ القاضي بالحكم الذي أخذه الشيخ "حمد"، ويعبر عنها البدو بقولهم: "قلط عليها ابن جازي"، وهنا يقول القاضي الذي يحكم دون أن يشرع: "حنا تبع، لا نشرع شرع ولا تفرع فرع"، وهذا يعني أن الأصل هو العمل بالسوادي، أي بالأعراف القضائية المعروفة والمتوارثة جيلاً عن جيل،فالقاضي لا يستطيع ابتداع الأحكام أو تغييرها، ويستثنى من ذلك حالة التغيير الاجتماعي، وذلك عندما يقتضي تطبيق عرف قضائي معين الإضرار بمصلحة المجتمع العشائري، نظراً لتغير الظروف عندما يصدر (قاضي القلطة) قراره بتعديل السوادي.
وأهم الطرق التي تصل خلالها القضايا إلى قاضي القلطة هي:
١- قد يدرك طرفا النزاع خطورة القضية فيذهبان مباشرة إلى قاضي القلطة، فهو صاحب القرار الأول والأخير.
٢- يحيل القاضي العادي القضايا الخطيرة التي تحتاج إلى وضع مبادئ جديدة إلى قاضي القلطة لإصدار المبادئ الذي يراها.
٣- قد يدرك قاضي القلطة، ضرورة إعادة النظر في (سوادي) البدو بين الحين والحين وعلى ضوء التغيير الاجتماعي الذي تمر به حياة البدو، ولذلك، يصدر المبادئ الجديدة لتعديل السوادي القديمة.
وكان الشيخ "حمد بن جازي" هو المؤهل الوحيد في تعديل العادات والأعراف القديمة في قبيلة "الحويطات"، وعن تعديلاته الجديدة تأخذ القبائل البدوية الأخرى، من منطلق الثقة والصوابية في مرجعيته.